للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأمّا تَنُوخ فهم قَبَائِل عدَّة (١)، منها قُضَاعَة، ومنها نِزَارٌ اجْتَمَعت فتَشاءَمَتْ وتَنَّخَتْ بأرض الشَّام، وجمعها الاسم كما جمع لغيرها من القَبَائِل مثل مذْحِج وكَلْب وغير ذلك من قَبَائِل العَرَب، وأنَّ تَنُوخ يجمعها فَهْم بن تَيْم اللَّات ابن أسَد بن وَبْرة بن تَغْلِب بن حُلَوان بن عِمْران بن الحَاف بن قُضَاعَة بن مَالِك.

قال: وكان تَنُوخ ولد السَّاطع، كان دارهم سُوريَّة من طَرف البَرِّيَّة وما وَالَاهَا، وبأرض معرَّة النُّعمان وأرْض قِنَّسْريْن وما وَالَى تلك الأرض جَبَل مُتَّصِل إلى أرض حِمْصَ، غَلَبَ عليه تَنُوخ وذلك في عصر ملك الرُّوم، وكان أقْطَعَهُم إيَّاه، فلمَّا أن جاء الإسلام، في عصر مُعَاوِيَة بن أبي سفيان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سارت معه قُضَاعَة إلى صِفِّين، وقاتلتْ بن يديه، فلمّا أن رجع إلى الشَّام، وَفَدتْ عليه وفُودُ قُضَاعَة مِمَّن كان بأرض الشَّام تَطْلُبُ الإقْطاع والجوائز، فأقْطَعَهُم الزيادات والمدن وذلك من حَدِّ بلد الأُردُنّ إلى حَدِّ جَبَل حَلَب، وهو جَبَلُ جَوْشَن، وكان مَرْوَان بن الحكم أقْطَعَ لعَكَّار القُضَاعيّ الجبَل الَّذي يلي السَّاحل إلى حدِّ أرض حِمْصَ، فهو يُسَمَّى جَبَل ابن عَكَّار.

قال النَّسَّابَةُ: فاقْتَسَمَتْ تَنُوخ وقَبَائِل قُضَاعَة بن مَالِك بن حِمْيَر بأنْسَابها، وهو قُضَاعَة وكَلْب وغيرها، الدُّنيا والجبال والمدن والبَرّ، وأقاموا بها إلى اليوم.

قُلْتُ: وقال أحْمَد بن يَحْيَى بن جَابِر البَلاذُرِيّ، في كتاب البُلْدان (٢)، فيما حكاه عمن حدَّثه من أهل الشَّام، وكان حاضر قِنَّسْريْن لتَنُوخ مُذْ أوَّل ما تَنَّخُوا بالشَّام، نَزَلُوه وهُم في خِيَم الشَّعر، ثمّ ابْتَنَوا به المنازل، فدعاهم أبو عُبَيْدَة إلى الإسلام، فأسلم بعضهم، وأقامَ على النَّصرانِيَّة بنُو سَلِيْح بن حُلْوان بن عِمْران بن


(١) انظر كلام المؤلِّف على تَنُوخ وبني الساطع منهم في كتابه الإنصاف والتحري (ضمن إعلام النبلاء) ٤: ٨٣.
(٢) فتوح البلدان، ومثله عند قدامة: الخراج ٣٠٣ دون عزو.

<<  <  ج: ص:  >  >>