ابن الحَمَّاميّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحمَّد بن أحْمد بن الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو محمَّد الحَسَنُ بن عَتُّود القَطَّان، قال: أخْبَرَنا إسْماعِيلُ بن عِيْسى العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو حُذَيْفَة إسْحَاق بن بِشْر القُرَشيِّ، قال: حدَّثَنَا سَعيدُ بن عَبْدِ العَزيْز القُرَشيّ، عن قُدَماء أهْلِ الشَّامِ، وذَكَر عنهم وقْعَة اليَرْمُوك، وتَوَجّه خَالِد من اليَرمُوك، وأنَّ أبا عُبَيْدة سَار بالنَّاس في أثر خَالد بن الوَليد حتَّى لَحقَهُ بِحمْص. قالوا: فلمَّا اجْتَمَعُوا بها أراهُم اللهُ الغَلَبَة والسُّرور واجْمعوا لها، وأمر خَالِد بن الوَليْد بالمَسِيْر إلى أرْض قِنِّسرِين.
ثُمَّ ذَكَرَ وُرود الخَبَر إلى قَيْصَر بالهَزِيْمة، وقال: قالُوا: ثُمّ نادَى -يَعني قَيْصَر- في أصْحابه، فخرَجَ إلى القُسْطَنطينيَّة راجعًا، فلمَّا خَرَجَ من الشَّام، وأشْرَفَ على أرض الرُّوم قال: سَلامٌ عليكِ يا سُوْريَّة؛ سَلام مُودِّع لا يرَى أنْ يَرجعَ إليكَ أبَدًا، فلمَّا أشْرفَ على أرضِه قال: وَيْحَك أرْضنا، ما أنْفَعك لعَدُوّك؛ لكَثْرة ما فيها من العُشْب والخِصْب.
قال: وأقْبلَ خَالِد في طَلَبِ الرُّوم في وَجْهه هذا الّذي قَدَّمَهُ فيهِ أبو عُبَيْدة بين يديه من حِمْص حتَّى دَخَل في أهْل قِنِّسرِين فانْتَهى إلى حَلَب، فتَحَصَّنَ أهلُ حَلَبَ منهُ، فأقامَ حتَّى لَحقَهُ أبو عُبَيْدة حتَّى نَزَل فتَهَيَّأ لهم أيضًا، فطَلَبُوا إلى المُسلِمين الصُّلْح والأمَان، فقَبِلَ منهم أبو عُبيْدة وكَتَبَ لهم كتابًا أمانًا.
قالُوا: ثمّ طَلَبَ إلى أبي عُبَيدة الأشْتَرُ مَالك بن الحارث أنْ يَبْعَث معَهُ خَيْلًا حتَّى يتَّبع آثار الرُّوم، فإنَّ عِندي غَنَاء وحَزمًا، فقال: واللهِ إنَّك لخَليقٌ لكُلِّ خَيْر، فبَعَثَهُ في ثلاثمائة فَارِس، وقال له: لا تُبْعد في الطَّلَبِ وكُن منِّي قريبًا؛ فكان يَغِيرُ منهُ على مَسِيرة اليَوم أو بعض اليَوْم. ثُمّ إنَّ أبا عُبَيدة دَعَا مَيْسَرَة بن مَسْرُوق العَبْسِيّ فبَعَثَهُ في ألْفَي فَارسٍ، فمَرَّ على قِنِّسرِين، وذَكَر إدْرابَهُ ثُمَّ قال: وأقامَ أبو عُبَيْدة