وقَرَأتُ في تاريخ سَعيد بن كَثِير بن عُفَيْر (١)، في سَنة سَبع عَشرة، في نُسْخَةٍ قَدِيْمَةٍ صَحِيْحة، قال: وافْتتَحَ أبو عُبَيْدَةَ في وجْههِ ذلك دِيَارات حَوْل قِنَّسْرِيْن بصُلْحٍ منها دَيْر طَيَايَا؛ بياءَيْن.
وقال لي صَديقُنا بَهَاء الدِّين الحَسَنُ بن إبْرَاهِيْم بن الخَشَّاب: هو دَيْرُ طَبَاثَا بالباءِ والثَّاءِ، وهو المَوْضِعُ المَعْرُوف بدَيْر بَاثَبُوْا، وهو إلى جانب القَرْيَة المَعْرُوفَة بِبَاثَبُوا في مكانٍ يُشْرفُ على الأثارِب وما حَوْلها.
وَقَعَ إلىَّ مَجْمُوع بخَطِّ بعضِ الفُضَلَاء، يتضمَّن فِقَرًا وقَواعِدَ وأخْبارًا وفوائِدَ، في نُسْخةٍ عَتِيقة، يَغْلبُ على ظَنِّي أنَّ كاتب النُّسخة جَمع المجموع، فقَرَأتُ فيهِ: شَرَطَ عُمَر بن الخَطَّابِ على أهَل قِنَّسْرِيْن على الغَنِيّ ثمانيةً وأربعين، وعلى الوَسَطِ أربعةً وعشرينَ، وعلى المُدْقِع اثْنَي عَشَر؛ يُؤدِّيها بصَغَار، وعلى مُشَاطَرة المنازل بينَهُم وبين المُسْلِمِيْن، وأَلَّا يُحْدِثوا كَنِيْسَة إلَّا ما كان في أَيدِيهم، ولا يَضْرِبُوا بالنَّاقُوس إلّا في جَوْفِ البِيْعَةِ، ولا يرفَعُوا أصْواتَهُم بالقِراءةِ، ولا يرفَعُوا صَلِيبًا إلَّا في كَنِيْسَةٍ، وأنْ يُؤْخَذَ منهم القبليُّ من الكَنَائِس للمَسَاجِدِ، وأنْ يُقْرُوا ضَيْفَ المُسْلِمِين ثلاثًا، وعلى أنْ لا تَكُون الخنَازيرُ بين ظَهْراني المُسلِمِين، وعلى أنْ يُناصِحُوهُم فلا يَغُشّوهم، ولا يُمَالُوا عليهم عَدُوًّا، وأنْ يَحْملُوا رَاجلَ المُسْلِمِين من رُسْتَاقٍ إلى رُسْتَاق، وأنْ لا يلبَسُوا السِّلاح ولا يَحملُوهُ إلى العَدُوّ، ولا يَدُلُّوا على عوْرَاتِ المُسلِميْن، فمَنْ وَفَى، وَفَى المُسلِمُون لَهُ، ومنَعُوه بما يَمْنعُونَ به نسَاءَهم وأبناءَهُم، ومَن انْتَهَكَ شيئًا من ذلك حَلَّ دَمُهُ ومَالُهُ وسِبَاءُ أهْلِهِ، وبَرئَتِ الذِّمَّةُ منه. وكَتَبَ بذلك كتابًا برئَ فيهِ من مَعرَّة الجَيْشِ، فدَخَل في هذا الصُّلْح أهلُ الجَزِيرَة، وقبل ذلك ما كان أبو عُبَيْدَةَ فارقهُم على أربعة دَرَاهِم وعَبَاءَة على كُلّ جَلْجَلة على أنْ يكون عُمر الفَارض عليهم إذا قَدِم بلادهم.