للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يَجدها! وكان قد أمَر أنْ يُطْرَحَ لها تُكَاءٌ فأبَتْ، فكان يَجْعَلُ تحت ركبَتِها أُترُجَّتان من الأُتْرُجّ الكبار ورُبَّما قُوِّرَتا، وجُعِلَ فيها دَنَانِيْر، قال: فبَلَغني أنَّهُ لمَّا لم يجد الدَّنَانِيْرَ قال شِعْرًا (١): [من الوافر]

ألَيْسَ من العَجَائب أنَّ مِثْلي … يرى ما قلَّ مُمتنعًا عَلَيهِ

وتُؤْخَذُ باسْمِه الدُّنْيا جَميعًا … وما من ذاكَ شَيءٌ في يَديهِ

إليهِ تُحْمَلُ الأمْوَال طُرًّا … وَيُمْنَعُ بعضَ مما يُجْبَى إليهِ

قال الصُّوْلِيّ: وكان المُعتَمدُ من أسْمَح النَّاس، قال لهُ القَاسِمُ بن زُرْزُر المُغَنِّي: يا سَيِّدِي، إلى جانِب ضَيْعَتي ضَيْعَةٌ لا تَصْلُح إلَّا بها، تُباعُ بسَبْعَة آلاف دِيْنار، وما عندي من ثَمنها إلَّا ألْفي دِيْنارٍ، فقال: أحضرُوني خَمْسَةَ آلاف دِيْنارٍ، فجيءَ بها، فدَفَعها إليهِ فاشْتَرى الضَّيْعَةَ. فسَألَه بعدَ أيِّامٍ عنها، فَعَرَّفَهُ شِرَاءَها، فقال: ما أُحِبُّ أنْ يكونَ لك فيها وَزْنٌ، ادْفَعوا إليهِ ألْفَي دِيْنارٍ مكانَ أَلْفَيْهِ، فأخَذَهَا وانْصَرف.

وقال أبو بَكْر الصُّوْلِىِّ: حَدَّثنا الحسنُ بن إسْمَاعِيْل، قال: جَلسَ المُعْتَمدُ يشربُ يَوْم الأَحَد لاثْنَتي عَشرة ليلَة بَقِيَت من رَجَب بالحَسَنيّ على المُسَنَّاةِ الشَّرْقيَّةِ على دِجْلَةَ مع المُغَنِّين والمُخَنَّثِيْن، وأكل فى ذلكَ اليَوْم من رؤوسِ الجدَاءِ، واصْطَبَحَ، ثمّ تَشَكَّى في عَشِيَّته تلكَ، فتعالجَ وباتَ وَقِيْذًا (٢)، فماتَ في (a) ليْلَته، وأحْضَر المُعْتَضِدُ القُضَاةَ ووجُوهَ النَّاسِ فَنَظَرُوا إليهِ، ثمّ حُمِلَ إلى سُرَّ مَنْ رَأى، ودُفِنَ بها، وكانت خِلَافَتُهُ ثلاثًا وعشرين سَنَةً وستَّة أيَّام، وقيل: غير يَوْم،


(a) الأصل: "من"، وكتب فوقها: "في"، وعليها علامة التصحيح "صح".

<<  <  ج: ص:  >  >>