وعليها كان مُعْتَمدُهُ في النَّقْل والاقْتِباسِ، كانت بخَطِّ بَنُوْسَة، وهو نَسَّاخٌ لم نَتأدَّ لمَعْرفَتهِ، سِوى من إشَارتَيْن لابن العَدِيْمِ يَذكرُه فيها بأنَّهُ ورَّاق بني مُقْلَة (١)، وكتابُ رِحْلَةِ أحْمد بن الطَّيِّب السَّرْخَسيّ الَّتي ورَدَتْ في سِيرَةِ المعتَضِدِ باللهِ تأليف سِنَان بن ثابت بن قُرَّة، كانتْ بِخَطِّ الحُسَيْن بن كَوْجَك العَبْسِيّ الحَلَبِي، وأوْرَدَ سِيْرةَ الكتابِ وكَيفيَّةِ نَسْخِهِ واسْتِخراجِه من خِزَانَةِ المعتَضدِ. ونُسْخَةُ كتابِ فُتُوح الشَّام للوَاقِديّ كانتْ بِخَطِّ أبي عَبْد الله بن مُقْلَة (ت ٣٣٨ هـ)، وهو أخو الوَزيِر الخطَّاطِ المشهُور أبي عليّ مُحمَّد بن مُقْلَة، واسْمُه اِلحَسَن، وهذه النُّسْخةُ كانت من رِوَايةِ أحمدَ بن عَبْد العَزِيْز الجوهَرِيّ، عن أبي زيْدٍ عُمَر بن شَبَّة، عن هارُون بن عُمَر. وكتابُ التاريخ لحَمْدَان بن عَبْد الرَّحِيْم الأثارِبيّ؛ كان بخَطِّ الرَّئيس يَحْيَى بن المِرَاويّ الحَلَبيّ.
ومَدْلُولُ هذه الإشاراتِ أنَّهُ يمُيَّزُ بين نُسَخ الكُتُبِ المُعْتَبَرةِ والأُخْرَى المَلِيْئةِ بالتَّحْريفِ والتَّصْحيف، تمَامًا كما نُمَيِّزُ في وَقْتِنا بينَ نَشَراتِ الكُتُبِ بحَسَب المَطابِع ودُورِ النَّشْر الَّتي أخْرَجَتْها ومَدَى وَثاقتِها. وهو يُكَرِّرُ ذِكْرَ البَياناتِ البيْبلُوغرافيَّة في كُلِّ المَواضِع الَّتي يَرِد فيها النَّقْل.
وهو أيضًا لا يَكْتَفي بذِكْرِ خُطُوطِ النُّسَخ الَّتي اعْتَمدَ عليها، بل تَعدَّاها ليَذكُرَ المصادِرَ الَّتي اعْتَمدَ عليها وعن أي خَطٍّ نُقِلَت، ومن أيِّ فُسْخَةٍ تناسَلَتْ، يقولُ:
"نَقَلْتُ من خَطِّ عَبْدِ السَّلام البَصْرِيّ المعَرُوف بالوَاجْكَا: نَسَخْتُ من آخرِ كتابِ نَوَادر اليَزِيْدِيّ، كتابَ الشَّيْخِ أبي سَعِيد - يعني السِّيْرَافيّ - من خَطِّ أبي بَكْر بن السَّرَّاج: قال … ".
(١) ذكره في الجزء الأول ضمن الفصل الخامس من الكلام على صفين، وفي الجزء العاشر (الكنى والألقاب) في ترجمة أبي قتادة بن ربعي.