للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَأتُ في جُزءٍ وَقَعَ إليَّ بخط أبي القَاسِم حَمْزَة بن عبد الله بن الحُسَين الأطْرَابُلُسِيّ، يتضمَّن تعاليق وأمَالي عن أبي عبد الله بن خَالَوَيْه، وذكَر أنَّهُ قرأهُ على ابن خَالَوَيْه ونقَله من خَطِّه: نُسْخة كتاب كَتَبَهُ أبو عبد الله بن خَالَوَيْه إلى أبي القَاسِم أحْمَد بن الحُسَيْن العَقِيْقِيّ الحُسَيْنيّ (١): [من أخذ الكامل]

هَنَّأْتَني برًّا ملكت بهِ … شُكْري وشُكرُكَ وَاجبٌ فَرْضُ

لم يُبْتَذَلْ (a) وَجْهٌ ولا شَفَعَتْ … شُفَعَاءُ لي في مَنِّها هَضُّ

ففَداكَ منّاعُونَ لَوْ ملَكُوا … عدَدَ (b) البحار إذًا لَمَا بَضُّوا

سَلَامُ الله عليك وصَلَواتُه ومَغْفرته ورَحمَتُهُ وريحانُهُ أيُّها السَّيِّدُ الكريم والشَّريفُ ذا الحِكْمَة، يا زينَةَ الدُّنْيا وبهْجَتها، أطالَ اللهُ بقَاءَك، ووَهَبَ والدُك ابنُ خَالَوَيْه وِقَاكَ وفِدَاك، فلقد تَقَيَّلْتَ آباءَك الطَّاهِرين، وتَسَنَّمْتَ خِيْمَك (٢) وأَسْلَافَك المُنْتَجَبين، وأشْبَهتَهُم خَلْقًا وخُلقًا، ومَضَيْتَ على أسَاسِهم، وقفَوْتَ حَمِيدَ أفْعالهم، فأصبحتَ فذَّ الدَّهْر، وقَرِيعَ العَصْر، وواحدَ السُّمَحاءِ، وسَيِّدَ الأُدَبَاءِ بَراعَةً وفَصَاحَةً، وكَرِيمَ الكُرَمَاءِ سَخاءً وسَمَاحَةً، وتبعْتَ جَدَّيْك مُحَمَّدًا سَيِّد المُرْسَليْن، وعليًّا سَيِّد الوَصيَّيْن صَلَواتُ الله على ذِكْراهما كُلّما ذرّ شَارقٌ، وطَرَق آناءَ اللَّيْل طَارق، ونَزَعْتَ إليهما حَذْوَ القُذَّة (c) والماءِ بالماءِ، تهذيْبَ خلُقٍ ومحضَ ضَريبةٍ، ودَمَاثَة شَمَائِل، وكَريم سَجيَّة، أقْوَلُ من قُسٍّ إذا نَطق، وأفْصَحُ من سَحْبَانَ وَائِل إذا خَطَب، وأسْخَى من اللَّافظَة كفًّا، وأجْوَدُ من السَّحَاب جُوْدًا، وأبْهَى من فَخْت القَمَر، وأسْنَى من الهَالَة، فأَنْسَأ اللهُ أجلَك، وبلَّغك أكْلَأ الأعْمَار يَدَ المُسْنَد وسَمِيرَ اللَّيالِيَ ما بَلَّ بَحْرٌ صُوفَه، ونَعَمَتْ


(a) الديوان: تبتذل.
(b) الديوان: مدد.
(c) كذا في الأصل، ولعل تمامه: حذو القذة بالقذة، مثل يضرب للشيئين يستويان ولا يتفاوتان. لسان العَرَب، مادة: قذذ، مجمع الأمثال للميداني ١: ١٩٥، المستقصى في أمثال العَرَب للزمخشري ٢: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>