ذلك؟ فقال: إنِّي أنْزل دَائمًا بعَشَائِر وقَبَائِل من العَرَب، ولا أحبُّ أنْ يَعْرفُوني؛ خِيْفَةَ أنْ يكون لهم في قَوْمي تِرَّةٌ. وهذا الّذي صَحَّ عندي من نَسَبِه.
قال: واجْتَزْتُ أنا وأبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن عُبَيْد الله السَّلَامِيِّ الشَّاعر على الجِسْر ببَغْدَاد، وعليه من جُمْلَةِ السُّؤَّالِ رَجُل مَكْفُوفٌ، فقال لي السَّلَامِيّ: هذا المكْفُوفُ أخو المُتَنَبِّي، فدنَوتُ منه، فسَألتُه عن ذلك، فصَدَّقَهُ، وانْتَسَبَ هذا النَّسَب، وقال: من هَاهُنا انْقَطَعَ نسَبُنا.
وكانَ مَوْلدُهُ بالكُوفَة في كِنْدَةَ سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثِمائة، وأرْضَعتْهُ امرأةٌ عَلَوِيَّة من آل عُبَيْد اللهِ.
قال الرَّبَعِيُّ: وقال لي المُتَنَبِّي: كُنْتُ أُحبُّ البَطَالَة وصُحْبَةَ البَادِيَة، وكان يَذُمُّ أهل الكُوفَة؛ لأنَّهم يُضَيِّقُونَ على أنْفُسهم في كُلِّ شيء، حتَّى في الأسْماء فيتَدَاعَوْنَ بالألْقَابِ، ولَمَّا لُقِّبْتُ المُتَنَبِّي ثَقُلَ ذلك عليَّ زَمانًا، ثمّ ألِفْتُهُ.
وقال الرَّبَعِيُّ: رأيتُ عنده بشِيْرَاز جُزءًا من شِعْره بخَطِّ ابن أبي الجُوْعِ الوَرَّاق المِصْرِيّ، وعليه بخَطّ آخر: المُتَنَبِّي السُّلَميُّ البَغْدَاديُّ، فقال: ما كفاه أنْ عَزَاني إلى غير بَلَدِي، حتَّى نَسَبني إلى غير أبي! قال: وما أظُنُّ أنَّ أحدًا صَدَقَ في رِوَايَةِ هذا الدِّيْوَان صِدْقي؛ فإنَّنى كنتُ أُكاثرهُ ونحنُ بشِيْرَازَ، ورُبَّما أخذَ عنِّي من كَلَام أبي عليّ النَّحْوِيّ، وسَمِعْتُ شِعْرَهُ يُقْرَأُ عليه دَفْعَاتٍ، ولم أقرأ عليه بلَفْظي إلَّا العَضُديَّات والعَمِيْديَّات، فإنِّي قَرأتُها تَكْرِمة لمَنْ قيلَتْ فيهِ، ونَقَلْتُها بخَطِّي من مُدْرَج بخَطِّه كان معَهُ. هذا آخر كلام الرَّبَعِيِّ.
أخْبَرَنا أبو اليُمْنِ زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِىِّ، فيما أَذِنَ لنَا فيهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: قال لنا أبو بَكْر الخَطيْبُ (١): أحْمَد بن