للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمْكن أن يُغْرمَ عنها ما هو في مَعْناها.

وقَرأتُ في بعض كلام أبي العَلَاء: قد عُلِمَ أنَّ أحْمَد بنَ الحُسَين كان شَديد التَّفَقُّد لِمَا يَنْطقُ به من الكَلَام، يُغَيِّرُ الكَلِمَةَ بعد أن تُرْوَى عنهُ، ويفِرُّ من الضَّرورَة وإنْ جَلَبَ إليها الوزنُ.

سَمِعْتُ شَيْخَنا ضِيَاءَ الدِّين الحَسَن بن عَمْرو المَوْصِليِّ، المَعْرُوفُ بابنِ دُهْن الحَصَا يقول: كان أبو العَلَاء المَعَرِّيَ يُعَظِّم المُتَنَبِّي ويقُول: إيَّاي عَنَى بقَوْلِه (١): [زمن البسيط]

أنا الّذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أَدَبي … وأَسْمَعَتْ كَلِمَاتي مَنْ بِهِ صَمَمُ

أنْبَأنَا أحْمَدُ بن أزْهَر بن عبد الوهَّاب السَّبَّاكُ، قال: أخْبَرنا أبو بكر مُحَمَّدُ بن عبد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً، عن أبي علىّ التَّنُوخِيّ، قال: حَدَّثَني أبو عبد الله الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن الصَّقْرِ الكَاتِبُ -رَجُلٌ من أهل مَعَلْثَايا (a)، وممَّن نَشَأَ بالمَوْصِل، وكان أبوه عاملًا لسَيْف الدَّوْلَة على أَنْطاكِيَة، وهو من أهل الأدَب- قال: جَرَي ذِكْرُ أبي الطَّيِّب المُتَنَبِّي بين يدي أبي العبَّاس النَّامِيِّ المِصِّيْصيّ، فقال لي النَّاميِّ: كانَ قد بَقيَ من الشِّعْر زاويةٌ دَخَلها المُتَنَبِّي. قال: وقال لي في هذا المَجْلِس: كنتُ أشْتَهي أنْ أكونَ قد سبَقْتهُ إلى مَعْنَيَيْن قالهما ما سُبِقَ إليهما، ولا أعْلم أنَّ أحدًا أخْبَر عنهما (b) قبلَهُ، فقُلتُ: ما هُما؟ قال: أمَّا أحَدُهما فقَوْله (٢): [من الوافر]

رَمانِي الدَّهْرُ بالَأرْزَاءِ حتَّى … فُؤادِيَ في غِشَاءٍ من نِبَالِ


(a) هكذا ضبطها ابن العديم، وعند ياقوت (معجم البلدان ٥: ١٥٨): بفتح الميم وسكون العين. وأفرد ترجمة لابن الصقر المعلثاوي استنادًا لحكاية التنوخي هذه. انظر الجزء السادس فيما يلي.
(b) كذا في الأصل، واقترح الأستاذ محمود شاكر عوضه: "اخترعهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>