للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاسِم عبد العزيز بن يوسف جَكَّار (a)، قال: لمَّا وصل أبو الطَّيِّب المُتَنَبِّي إلى حضرة عضد الدولة في أول مجلسٍ شاهدهُ فيه، قال لي عَضُد الدَّوْلَة: أخرج واسْتوقفْهُ واسألْهُ كيف شَاهَد مَجْلسنا، وأين الأُمراءُ الّذين لقيَهُم في نَفْسِه منَّا؟ قال: فامْتثَلتُ ما أمرني به، ولحقْتُه وجَلسْتُ معه وحادَثتُه وطاولته وأطَلتُ معه في المعنى الذي ذكرته، فكان جوابه عن جميع ما سمعهُ مني أن قال: ما خَدَمَتْ عَيْنَايَ قَلْبي كاليَوم! فجاء بالجَوَاب مَوْزُونًا، واسْتَوْفي القول في اختصار من اللَّفظ (١).

قرأتُ في مجموع صالح بن إبراهيم بن رِشدين بخَطِّه: قال لي أبو نصر بن غِيَاثٍ النَّصْرانيُّ الكَاتِبُ: اعْتَلَّ أبو الطَّيِّب المُتَنَبِّي بمِصْرَ العلَّة التي وصَفَ الحُمَّي في أبْياته من القصيدة المِيْمِيَّة (٢)، فكُنْتُ أُواصِل عيادتَهُ وقَضاء حَقِّهِ فيها، فلما توجَّه إلى الصَّلاح وأبَلَّ، أَغْبَبْتُ زيارتَهُ ثِقَةً بصَلاحه، ولشُغْلٍ قطعَنِي عنه، فكَتَبَ إلىَّ: وصلْتَني -وَصَلَكَ اللهُ- مُعْتَلًّا، وقطَعْتَني مُبِلًّا، فإنْ رأيتَ أن لا تُحَبِّب العِلَّة إلىَّ، ولا تُكَدِّر الصِّحَّةَ عليَّ، فعلْتَ إنْ شَاءَ اللهُ (٣).

ونَقَلْتُ من هذا المَجْمُوع بخَطِّه: ذَكَر لي أبو العبَّاس بن الحَوْت الوَرَّاقُ، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّ أبا الطَّيِّب المُتَنَبِّي أنْشَدَهُ لنَفْسِه هذين البَيْتَيْن (٤): [من الطويل]


(a) في الأصل بالحاء المهملة: حكار، والمثبت من: قطع تاريخية من كتاب عنوان السير للهمذاني ١٧٥، الكامل لابن الأثير ٩: ١٤٤، والوافي بالوفيات للصفدي ١٨: ٥٦٦، وتصحف في البداية والنهاية لابن كثير ١١: ٣٢٥ إلى: الحطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>