للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّد المُقرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصّوْليِّ إجَازَةً، قال: ومات المُوَفَّق لَيْلَة الخَمِيْس لثمانٍ بَقِينَ من صَفَر - يعني من سَنَة ثمانٍ وسَبْعين - وجَلَسَ أبو العبَّاس يَوْم الخَمِيْس فعَزَّاهُ النَّاس، وخُطِبَ يَوْم الجُمُعَة للمُعْتَمد ثمَّ المُفَوَّض - يعني جَعْفَر بن المُعْتَمد - بالعَهْد، ثمّ لأبي العبَّاس أحْمَد المُعْتَضِد باللهِ وَلي عَهْد المُسْلِمِيْن.

وقال الصُّوْلِيُّ بعد ذلك: أمَرَ المُعْتَمد أنْ يُجْعل أبو العبَّاس أحْمَد بن المُوَفَّق في ولاية العَهْد مكان جَعْفَر المُفَوَّض، وكُتبت الكُتب وقُرئَت عليه، وأُدْخِل القُضَاة إليه حتَّى شَهدُوا بذللث في يَوْم الاثْنَين لثلاثٍ بَقِينَ من المُحَرَّم يعني من سَنَة تِسْعٍ وسَبعِين.

قال: فحَدَّثَني نَصْر الحَاجِب المَعْرُوف بالقُشُورِيّ، قال: أنا سفرْتُ في ذلكَ لمَالٍ أطلقَهُ لي المُعْتَضِد، فأتيْتُ المُعْتَمد، فأخْبَرْتُهُ به بعد أنْ أشَرتُ على المُعْتَضِدْ أنْ يَحْمل إليه مائتى أَلف دِيْنارٍ، وثيابًا وطِيْبًا، ففَعَل ذلك، وطابَتْ نفْسُه، وحَمل إلى المُفَوَّض مثل ذلك، وفارَقْنا المُعْتَمد على أنْ يرضى جَعْفَر بذلك، فلمَّا سألتُ المُعْتَمد ذلك قال لي: أفَيَرْضَى جَعْفَرُ؟ قُلتُ: نعم، قال فليَجئني أحْمَد حتَّى أفْعَلَ ما يُريد، فجاءَ فأجْلَسَهُ على كُرْسِيّ بينَ يَدَيْهِ وهو على سَريره بعد أنْ ضمَّهُ إليه، وقَبَّل المُعْتَضِد يدَهُ، فتحدَّثا ساعةً بغير ما قَصَدَاه، ثمّ ابتَدأهُ المُعْتَمد فقال: أحْضر مَنْ شئتَ فإنِّي أفْعَل ما تُريد، فأحضَر النَّاس وشَهدُوا على خلعِ جَعْفَر من ولاية العَهْد، وتولية المُعْتَضِد، وكُتب بذلك كُتبٌ إلى النَّواحيِ، وأنَّ المُعْتَمد قد جَعَل إليه ما كان ابن المُوَفَّق (a) من الأمْر والنَّهْي، ووقَّع المُعْتَمد في الكتاب: أقَرَّ عبدُ الله أحْمَد الإمَام المُعْتَمد على اللهِ أَمِير المُؤمِنِين بجميع ما في هذا الكتاب، وكَتَبَ بخَطِّه، وأقرَّ جَعْفَر ابن أمِير المُؤمِنِين المُعْتَمد على الله بجميع ما في هذا الكتاب، وكَتَب بخَطِّه.


(a) كذا في الأصل، ولعل الأظهر: لابن الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>