للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُتَوَكِّل على اللهِ قال: كُلَّ مَنِ غلَبَت عليه كُنْيَتُهُ من وَلدِي فاسْمه مُحَمَّد - يَوْم الاثْنَين لإحْدَى عَشر لَيْلَه بَقِيَتْ من رَجَب سَنَة تسْعٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن، وسِنُّهُ يَوْم وَلِيَ الخِلَافَة سَبْعٌ وثلاثون سَنة، مَوْلده في شَهْر رَبيع الأوَّل سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن، سَمِعْتُ المُكْتَفِي باللهِ يَذْكُر ذلك.

وقال الصُّوْليِّ: حَدَّثَني عبدُ الله بن المُعْتَزّ، قال: كان المُتَوَكِّل على الله يُجْلسُني والمُعْتَضِد آخر أيَّامهِ معَهُ على السَّرير ونحنُ صَغِيران، فيَرْمي إلينا بالشَّيء فنَتحارب عليهِ، فيَضْحَك من فِعْلنا؛ قال: وكان هو أسَنّ منِّي.

قال: وأُمُّ المُعْتَضِد يِقال لها: خَزَر، ويُقال: إنَّ اسْمَهَا غُيِّر، كانَ اسْمُها ضِرَار ثمّ سُمِّيَت بخَفِيْر، وكانت وصِيْفة لخَدِيجَة بنْت مُحَمَّد بن إبرْاهيم بن مُصْعَب فاشْتَراها منها أخُوها أَحْمَد في مُحَمَّد، ثمَّ اشْتَرَاها بعضُ القُوَّاد فأهْدَاها إلى المُتَوَكِّل، فوَهَبَها لإسْحاق أُمّ المُوَفَّق جاريتهِ، فوِهَبَتْهَا للمُوَفَّق. وكان الّذي سمَّاهُ المُعْتَضِد عُبَيْد الله بن عبد الله قبل ولايتهِ العَهْد ببَيْتَيْن قالهما وكَتَبَ إليهما إليه: [من البسيط]

إرثُ الخِلَافَةِ مَعْضُودٌ بمُعْتَضدٍ … لا زالَ عنْهُ ومَوْصُولٌ لمَن وَلَدَا

خَلِيفَةٌ مُلْكُهُ أَمْنٌ وعَافِيَةٌ … ورُخْصُ سِعْر وخِصْبٌ فليَعشْ أبَدَا

قال: وكان المُعْتَضِدُ من أكْملَ النَّاس عَقْلًا، وأعلَاهم هِمَّةً، وأكثرهم تجربةً، قد حَلَبَ الدَّهْرَ أشْطُرَهُ، وعاقبَ بينَ شدَّتهِ ورخائهِ، وكان أبُوهُ المُوَفَّق يُسَمَّى المَنْصُور الثَّانىِ لانْشعَاب الأُمُور عليه وقيامهِ بها حتَّى تجلَّتْ، وكان المُعْتَضِد يُسَمَّى السَّفَّاح الثَّاني لأنَّهُ جدَّدَ مُلْكَ بني العبَّاس بعد إخْلَاقه، وقَتَل أعداءه، فكأنَّهُ أوَّل لهم كما كان السَّفَّاح أوَّلًا، وقد احْتَذَى هذا المَعْنَى عليُّ في العبَّاس الرُّوميّ فقال يَمْدَحُه لمَّا قام بالخِلَافَة (١): [من الطويل]


(١) ديوان ابن الرومي ٢: ٦٦٠، ومرآة الزمان ١٦: ١٥٨ (باستثناء البيت الأخير)، ومسالك الأبصار ٢٤: ٢٥٧، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ٥٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>