للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله ما أدْري كيف ظَفِرت بالخَادِم! وما هو إلَّا من أمْر اللهِ الّذي لا يُدْرَى كيف هُوَ.

قال: فقُلتُ: كيف يُحِبّ سَيِّدنا أنْ يَصف هذا الفَتْح، قال: بسُرعةِ سَيْرنا، وسَبْقنا خَبَرنا، حتَّى وافَيْناهُ قبْلَ أنْ يَعْلَم بنا.

قال: فقلتُ: [من الوافر]

ألَمَّ بعَيْنِ زُرْبَةَ والمطايا … جُنُوحٌ طيفُ أخْتِ بني عَدِيِّ

فقال فيها:

أَمِيرَ المُؤمِنِين هناكَ فَتْحٌ … حَظِيْتَ بهِ منَ اللهِ العَلِيّ

لقد خَسِئ الأعَادِي في النَّواحِىِ … بما أَنْزلتَ بالخَاسِي الخَصي

أتَتْكَ بحَائنٍ رِجْلَاهُ منهُ … ألَا يا رُبَّ حَتْفٍ في مَجِيِ

خفَفْتَ إليه حين أتاكَ عنهُ … بَرِيْدُ الصِّدْق بالخَبَر الجَلِّي

طَوَيْتَ الأرْض طيًّا فُتَّ فيهِ … إليهِ تغَلْغُل المَوْت الوَحِيِّ

قال: وهي قَصِيدَةٌ (a).

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحُسَين عليِّ بن المُهَذَّب التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ، في تَعْلِيقٍ له في التَّاريخ، حَمَلهُ إليَّ بعضُ عَقِبه، قال: سنَة ثَمان وثَمانين - يعني ومَائتَيْن - وفيها: هربَ وَصِيْف الخَادِم من مَدِيْنَة بَرْذَعَة من مَوْلاه الأَفْشِين، وسارَ إلى الثُّغُور الشَّاميَّة، وتَبِعَهُ المُعْتَضِدُ، وظَفرَ به بناحيةِ الكَنِيْسَة السَّوْدَاء وهو يُريد دُخُول بَلَد الرُّوم، فأخذَهُ وانْصَرفِ بهِ إلى بَغْدَاد، فقتلَهُ، واعْتَلَّ المُعْتَضِد لإتْعابهِ نفسَهُ في طَلَبه إيَّاهُ عِلةً كانت فيها وَفاته، وقيلِ إنّه - وهو في طَلبهِ، وقد عاينَهُ - حصَرَهُ بَوْلٌ فاسْتَبْطَأَ نفْسَهُ أَنْ يَنْزل وعظم عليه أنْ يَبُول في ثيابِه وسَرْجِه، فانفَتَقَتْ مَثانَتُه، وكان سببَ مَوْته.


(a) هكذا في الأصل، غير متبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>