قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن أحْمَد، عن أبي أحْمَد المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثني يَحْيَى بن عليّ، قال: كُنَّا مع المُعْتَضِد في بعض أسْفَاره فدَعاني، فقال لي: قَلْبِي ببَغْدَاد وإنْ كان جِسْمى هاهُنا، فقُل عنِّي شِعْراً في هذا المَعْنَى أكْتُب به إلى مَنْ أُريدُ ببَغْدَادَ، فإنِّي قد رُمت ذلك فلم يتَّسِق لي. فقُلتُ عن لِسَانهِ: [من مجزوء الرمل]
ها هُنا جِسْمىِ مُقيمٌ … وببَغْدَادَ فُؤادِي
وكَذَا كُلُّ مُحِبٍّ … باعَ قُرْباً بِبَعادِ
أمْلكُ الأرْضَ ولكن … تملكُ الخُوْدُ قِيَادِي
غَلَبَ الشَّوْقُ اصْطِبَارِي … مثْلَ غَلْبي للأعَادِي
فأنا أحْتَالُ أنْ يخفَى … بجُهْدِي وهوَ بَادِ
ليسَ وادٍ لا أرى فيـ … ــه حَبِيْبي لي بوَادِ
فاسْتَحْسَنَ الأبْيَاتَ وكتبَ بها.
قال الصُّوْلِيّ: والنَّاسُ يَرْوونها للمُعْتَضد، وقد حَدَّثني بهذا يَحْيَى بن عليَّ، وكان ما عَلِمْتُ صَدُوقًا فيما يَحْكيه، فأمَّا الّذَي للمُعْتَضِد في هذا المَعْنَى ممَّا أنْشدنيهِ له مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أبي عَبَّادٍ: [من مجزوء الرمل]
إنَّ جِسْمِي بسُمَيْسمَا … طَ وقَلْبي بالعِرَاقِ
غَلَبَ الشَّوْقُ اصطباري … من تَبارِيْح الفِرَاقِ
أَمْلكُ الأرْضَ ولا أمْـ … ـــلكُ دَفْعاً لاشْتِيَاقي
قال الصُّوْلِيّ: ومن شِعْر المُعْتَضِد (١): [من الكامل المجزوء]
لَمْ يلْقَ من حَرِّ الفِرَاقِ … أحَدٌ كما أنا منهُ لاقِ
(١) الأبيات في تاريخ الخلفاء للسيوطي ٥٩٧.