للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك وهو علينا، فقال: رأيكم، فإنَّ أَمِير المُؤمِنِين المُعْتَضِد أمَرَني أنْ أُسَلّم المَمْلكَة إلى ابْنِهِ أبي مُحَمَّد والخِلَافَهَ، فبايعَ الجميع يَوْم الجُمُعَة بعد العَصْر وسُمِّي المُكْتَفِي، وأفاقَ المُعْتَضِد يَوْم السَّبْت فلمِ يُخبر بشيءٍ، ثمّ تُوفِّي ليلَة الاثْنَين لخمسِ ساعَات مَضَتْ من اللَّيْل، فبَعَث غَداة الاثْنَين لثمان ليالٍ بَقِينَ من شهر رَبيع الآخر إلى مُحَمَّد بن يَزِيد المُهَنْدِس فأعلَمه صَاف أنَّ المُعْتَضِد أوْصَى أنْ يُدْفَنَ في دار مُحَمَّد بن عبد اللهِ بن طَاهِر، وينقل إليها أُمَّهاتُ أولادِهِ ووَلدُهُ ليكُونوا بالقُرْبِ من قَبْره، فَمضَىِ مُحَمَّد بن يَزِيد وحَفَر قَبْرًا عَشْرُ أذْرُع في خَمْسٍ، وكُفِّن فِي ثلاثةِ أثْوَاب أُدْرِج فيها، وحضَر القُضَاة والفُقَهَاء، وغَسَّلَهُ أحْمَدُ بن شَيْبَة عند زوال الشَّمْس، وصَلَّى عليه يُوسُفُ القَاضِي، وأُدْخل حُفْرته بعد ثلاث ساعاتٍ من لَيْلَة الثّلاثَاءِ.

وكتَبَ القَاسِم إلي المُكْتَفِي بالخَبَر، وقد كان كاتبَهُ قبل ذلك بحَقِيْقَةِ حال المُعْتَضِد وهو أخذ البَيْعَة، فكانت مُدَّة خِلَافَته تسْع سنين وتسعَةَ أشْهُرٍ وثلاثة أيَّام، ومات وهو ابن خَمْس وأرْبَعينَ سَنةً.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ (١)، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الله بن إبْراهيم الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عُمَر بن حَفْصٍ السَّدُوسِيّ، قال: المُعْتَضِد، أرْجَفَ النَّاس بمَوْتِه يَوْم الاثْنَين للنّصْف (a) من شَهْر رَبيع الآخر سَنَة تِسْعٍ وثَمانِيْن ومَائتَيْن، وذكر خاصَّتُه وقُوَّادُه أَنَّهُ لم يَمُتْ، وخُطِبَ له يَوْم الجُمعَة لعَشْرٍ بَقِينَ من هذا الشَّهْر، وأُخِذَتِ البَيْعَةُ بولَايَة العَهْد لعليّ بن المعتَضِد بالله ليلَة الثّلاثَاء، ودُفِنَ في دار مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر، وذكَروا أنَّهُ أوْصَى أنْ يُدْفنَ فيها، فكانَتْ ولَايتُهُ تِسْعَ سنين وتسْعَةَ أشْهُر وخَمْسة أيَّام.


(a) تاريخ بغداد: النصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>