كَتَبَ إلينا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ أنَّ زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميِّ أنبأهُم عن أبي القَاسِم عليّ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عُبيد اللّه بن مُحمَّد بن أحْمَد بن أبي مُسْلِم إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: في سَنَة ثَلاثٍ وثمانين غَضِبَ المُعْتَضِدُ على أحْمَد بن الطَّيِّب، ووَجَّه بشَفِيعْ اللُّؤْلُؤيّ ونِحْرير الصَّغير خَادِمِ بَدْر فقبَضُوا على جَمِيع ما في دَاره، وقَرَّرُوا جَوَاريَه على ماله حتَّى أخذُوه، فاجْتمع من ذلك ومن ثَمَن آلاته ممَّا حُمِلَ إلى بيت المَالِ مائة وخَمْسُونَ ألف دِرْهَم.
قال: فحدَّثي مُحمَّد بن يَحْيَى بن أبي عَبَّاد، قال: كان سَبَبُ غَضَب المُعْتَضِد على أحْمَد بن الطَّيِّب، أنَّ أحْمَد كان قَديْماً يمدَحُ عندَه الفَلَاسِفَة ويسْتَعْقلُهُم ويَحْكي مَذاهِبَهُم، فيقُول المُعْتَضِد: أنتَ على دِيْنهم، وكيفَ لا تكُون كذلك وأُسْتاذكَ الكِنْدِيّ، وكان قد تَخمَّر في نفس المُعْتَضِد أنَّهُ فَاسِدُ الدِّين، وكان ابن الطَّيِّب أحْمَق مُعْجَباً يدعي ما لا يُحْسن، وكان مع قِمَر عَقْله في لسانه طُول، فكان كَثيرًا ما يقُول للمُعْتَضد: الأُمُور تخْفَى عليك وتستر دُوْنك، فقال له يوْماً: ما الدَّوَاءُ؟ قال: تُولِّيني الخبرَ على أبي النَّجْمِ وعُبَيْدِ اللّه، قال: قَدْ ولَّيتُكَ، قال: فاكتُب بذلك رُقْعَةً، فكتب رُقْعَةً بخَطِّه بتوْليَتهِ، فجاء بها إلى عُبَيْد اللّهِ يُعْلمه ذلك، ويتقرَّب إليه أنَّهُ لم يَسْتُر ذلك عنه، فأخَذَها عُبَيْدُ اللّهِ ووَثَبَ، وطلبَها ابن الطَّيِّب، فوجَّه إليه: أنا أخرُج بها إليكَ، ووَكَّل به في دارِه، ورَكِبَ إلى بَدْر فأقراهُ إيَّاها، فرَكِبا إلى المُعْتَضد باللّه حتَّى عرَّفاهُ الخَبَر، ورمىَ عُبَيْدُ اللّهِ بنَفْسه بينَ يَدَيْهِ وقال له: أنتَ يا سَيِّدِي نَعَشْتَني وابتدَأْتني بما لم أُؤمّلْهُ، وكُلّ نِعْمة لي فمنكَ وبكَ، فسَكَّن منه، وقال: إنَّهُ يسْعَىَ عليكُما عندي فاقْتُلَاه وخُذَا ما يملِكُه، فأُدْخل المَطَامِيْرَ، وكان آخر العَهْد بهِ.
قال مُحَمَّد بن يَحْيَى الصوْلِيّ: وقد قيل إنَّ سَبَبَ ذلكَ، أنَّ عُبَيْد اللّه لمَّا أرادَ