الخُروج إلى الجَبَل مع بَدْر قال المُعْتَضِد لبَدر: الصَّواب أن يحضر أحمد بن محمَّد جَرَادة ليُعاونَ القَاسِم على خِدْمَتنا، فسَمعَ ابن الطَّيِّب ذلك، فأدَّاه إلى عُبيدِ اللّه، فردَّه عُبيدُ اللّه على المُعْتَضِد، وقال له نحو ما حكى في الخَبَر الأوَّل، فعزَم عليه ليُخْبرنَّهُ مَنْ قال له ذلك، فقال: ابن الطَّيِّب، فكان هذا سبَبَهُ.
وقال أبو بَكْر الصُّوْلِيّ: حَدَّثني مُحمَّد بن أحْمَد أبو الحسَن الأنْصَاريّ، قال: كان ابن الطَّيِّب يَخْتلفُ معنا إلى الكِنْدِيّ، وكان الكِنْدِيُّ يقولُ: هذا أحْمَقُ، وسيُتْلِفُ نفسَهُ بحُمْقِه، فكان كما قال.
قال الصُّوْلِيّ: حَدَّثَنا الحَسَن بن إسمَاعِيْل، قَال: كان القَاسِم يَغْتاظُ من ابن الطَّيّب فيقُول له أبوه: نحنُ نَخْنُقه بوصفِهِ، وكان المُعْتَضِد باللّه رُبّما نفَثَ بشَكواهُ والتَّأذِّي منه بالكَلِمَةِ بعدَ الكَلِمَة، فيُقَرِّظه عُبَيْد اللّه ويحتَجّ عنه، فذَكَرَ عُبَيْدَ اللّهِ يوْماً بشيء قُدَّام المُعْتَضِد، فقال له المعتَضِدُ: كفاكَ، إنَّ عُبيد اللّهِ ما ذُكِرْتَ لي قَطّ إلَّا احْتَجَّ عنكِ ووصَفَك، وأنْتَ ما ذكَرَتَهُ عندي قَطّ إلَّا غَمَزْت منه على جانبٍ، قَبَّحكَ اللّهُ وقَبَّح طبعَكَ السَّوءَ، ثمّ انْكَشفَ أمرُه، فأوْقعَ به في سَنَة ثَلاثٍ وثمانين.
أنْبَأنَا المُؤِيَّد بن مُحَمَّد بن علىِّ الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ إجَازةً، عن أبي عليّ المحسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: كان الّذي نقمَهُ المُعْتَضِدُ على أحْمَد بن الطَّيِّب، أنَّ عُبَيْد اللّه بن سُلَيمان دَخَل يَوْماً على المُعْتَضِد، وقد تَغَيَّظ المُعْتَضِدُ عليِه من شيءٍ بلَغَهُ عنه، وخَاطَبَهُ بما يَكْرَهُ، فما خرَج قال: يا أحْمَدُ، ما تَرَى إلى هذا الفَاعِل الصَّانِع، قد أخْرَب الدنْيا واحْتجَزَ (a) الأمْوَالَ، وفي جَنْبهِ ثلاثةُ آلافِ آلافٍ دِيْنار، ما يمنَعُني من أخْذِهَا إلَّا الحِلْم عنه، وفعَلَ اللّهُ بي وصَنَعَ إنْ أنا اسْتَعملتُه أكثرَ من هذا. قال: فخرج أحْمَدُ بن الطَّيِّب فوَجَدَ عُبَيْدَ اللّهِ على الباب ينتظرُه، فحملَهُ إلى داره، ووَاكلهُ وسقاهُ، ووَهَبَ