للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَامِد بن عبد الرَّحْمنِ القُوصِيّ، قالا: أخبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن المُؤيَّد بن أبي اليَقظَان أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَوَاري التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ -قال أبو الحَسَن: إجَازَةٌ- قال: أخبَرَني جَدِّي أبو اليقظَان، قال: كانَ مَوْلدُ الشَّيْخ أبي العَلَاء بن سُلَيمان المَعَرّيِّ، رَحِمَهُ اللّهُ، بمَعَرَّة النُّعْمَان يَوْم الجُمُعَة مَغِيْب الشَّمْس لثَلاثٍ بَقِينَ من شَهر ربيع الأوَّل سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين وثَلاثِمائة، وجُدِّرَ في أوَّل سَنَة سَبع وسِتِّين وثَلاثِمائهَ فعَمِيَ من الجُدَرِيّ، وغَشِيَ يُمنَى حدقتَيهِ بياضًا، وأذْهَبَ اليُسْرى جُمْلَةً.

ورَحَل إلى بَغْدَاد سَنَة ثمانٍ وتِسعِين، ودخلها سَنَة تِسعٍ وتِسعِين، وأقامِ بها سَنَةً وسَبْعَةَ أشْهُر، ولَزِمَ مَنزِله عند مُنْصَرَفه من بَغْدَاد مُدَّة سَنَة أرْبعمائة، وسَمَّى نفسَهُ رَهِيْنَ المحبَسَيْن للزُومِهِ مَنزِلَهُ ولذَهَابِ عَيْنَيْه.

وتُوفِّيَ بين صَلاتي العشَاءين ليلَة الجُمُعَة الثَّالث من شهر رَبيع الأوَّل سَنَة تِسْعٍ وأرْبعين وأرْبَعِمائة، فكانَ عمرُهُ ستًّا وثمانين سَنَةً إلَّا أربَعةً وعشرين يَوْمًا، ولم يَأكُل اللَّحمِ من عُمره خَمْسًا وأرْبعين سَنةً، وقال الشِّعْر وهو ابنُ إحدَى عَشْرة سنَةً أو اثْنَتي عشْرة سنةً، رَحْمَةُ اللّه عليه.

أخبَرَنا أبو القَاسم الحُسَين بن عبد اللّه بن رَوَاحة الحَمَوِيّ، عن أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمد السّلَفِيّ (١)، قال: سمِعْتُه -يعني أبا مُحَمَّد عبد اللّه بن الوَلِيد في غَرِيب الإيَادِيّ المَعَرِّىّ -يقول: دَخَلتُ على أبي العَلَاءِ وأنا صَبيٌّ معِ عَمِّي أبي طَاهِر نَزورُه، فرأيته قَاعِدًا علِى سجَّادَة لِبْدٍ وهو يُسَبّحُ، فدَعا لي، ومسح على رأسي، وكأنِّي أنْظُر إليه السَّاعةَ، وإلى عَيْنَيه إحداهُما بادرَةٌ والأخرى غَائرةٌ جدًّا، وهو مُجَدَّرُ الوَجْه نَحِيْف الجِسْمِ.

أخبَرَني والِدي، رحِمَهُ اللّهُ، يَأْثرهُ عن شُيُوخ الحلبِيِّيْن أنَّهُ بَلَغَهُم أنَّ أبا العَلَاء بن سُلَيمان قال: أُحقِّقُ من الألْوَان لونَ الحُمرةِ، وذلكَ أنَّني لمَّا جُدِّرْتُ


(١) السلفي: معجم السفر ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>