للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدَّةً طَوِيلَةً في مَنْزِله مُحْتَجبًا لا يَدْخُل عليه أحَدِّ، ثمّ إنَّ النَّاسَ تَسَبَّبُوا إليه حتَّى دخَلُوا عليه، فكتَبَ الشَّيْخُ أبو صالحِ مُحَمَّد بن المُهَذَّب إلى أخيه أبي الهَيْثَم عَبْد الوَاحِد بن عبد اللّه بن سُلَيمان رحِمهما اللّهُ في ذلك: [من الطويل]

بشَمْسِ زَرُودٍ لا ببَدْرِ مَعَانِ … أَلمَّا وإنْ كانَ الجَمِيْعُ شَجَاني

يقول فيها:

أبا الهَيْثَمِ اسمَعْ ما أقُوْلُ فإنَّما … يُعيْن علىِ ما قُلْتُ خَيْر مُعَانِ

قَرِيْضي هجَاءٌ إنْ حرَمْت مَدِيْحَهُ … لأرْوَعَ وضَّاحَ الجَبِيْن هَجَانِ

أطَلَّ على بَغْدَادَ كالغَيْثِ جَاءَهَا … بأَسْعدِ نَجْمٍ في أَجَلِّ أوَانِ

نَضَاهَا ثيابَ المَحْل وَهْيَ لِباسُها … وبَدَّلَها من شِدَّة بلِيَانِ

فيا طيْبَ بَغْدَاد وقد أَرَجَتْ بهِ … على بُعْدِها الأطْرافُ من أرَجَانِ

غَدَا بكُمُ المَجْدُ المُضِيءُ وإنَّهُ … ليُقْمَرُ من أضْوَائهِ القَمَرانِ

مُسِرِّ المَعَالِي دُوْنَنا هل يُسِرُّها … بُطُونَ وهَاد أو ظُهُورَ رعَانِ

نَأَى ما نأى والمَوْتُ دونَ فِرَاقهِ … فما عُذْرُهُ في النَّأي إذ هُوَ دَانِ

فكُن حَاملًا منِّي إليه رِسَالةً … تُبَيّنُ ليْنًا في هضَابِ أبَانِ

فإنْ قال: أَخْشَى من فُلَانٍ تَشَبُّهًا … فقُل: ما فُلَانٌ عندنا كَفُلَانِ

هُوَ الخِلُّ ما فيه اخْتِلالُ مَوَدَّةٍ … فلا تَخْشَ منهُ زلَّةً بضَمَانِ

فإنْ خُنْتُ عَهْدًا أو أسَأْتُ خليْقةً … ولم يَكُ شَأني في المَوَدَّةِ شَاني

فلَا أَحْسَنَتْ في الحَرْب إمْسَاكَ مَقْبضي … يَميني ولا يُسْراي حفْظَ عنَاني

لعَلَّ حَياتي أنْ تَعُودَ نَضِيرَةً … لديهِ كما كانتَ وطيب زَماني

قُلتُ: وكان أبو صالح بن المُهَذَّب (a) قائل هذا الشِّعْر (b) ابنَ عَمَّة أبي العَلَاء.


(a) الأصل: المهلَّب!.
(b) الأصل: الشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>