للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ بَخِلَتْ عن الأحْيَاءِ كُلِّهِم … فاسْقِ المَواطِر حَيًّا من بني مَطَر

ويا أَسِيْرة حِجْلَها أرَى سَفَهًا … حَمْلُ الحُلّي بمَن أعْيَا عن النَّظَر

ما سِرْتُ إِلَّا وطَيْفٌ منك يَصْحَبُني … سُرىً أمامي وتأويْيًا على أثَري

لو حَطّ رحْلي فَوْق النَّجم رَافعُهُ … ألْفَيْتُ ثَمَّ خيالًا منكِ مُنْتظِري

يَودُّ أنَّ ظَلَامَ اللَّيْل دامَ له … وزِيْد فيه سَوَادُ القَلْبِ والبَصَر

لو اخْتصَرتُم من الإحْسان زُرْتكُمُ … والعَذْبُ يُهْجَرُ للإفْرَاطِ في الخَصَر

أبَعْدَ حَوْلٍ تُنَاجِي الشَّوْقَ نَاجِيَةٌ … هلَّا ونحنُ على عَشْرٍ من العُشَر

قال فيها في المَدْح:

يا رَوَّعَ اللهُ سَوْطي كم أرُوْعُ بهِ … فُؤَادَ وجْنَاء مِثْل الطَّائِر الحَذِر

باهتْ بمَهْرَة عَدْنَانًا فقلتُ لها: … لولا الفُصَيْمِيِّ كانَ المجدُ في مُضَر

وقَدْ تبيَّنَ قَدْرِي أنَّ مَعْرفتي … مَنْ تَعْلَمِين ستُرضِيْني عن القَدَر

القَاتِلُ المَحْل إذ تَبْدُو السَّماءُ … لنا كأنَّها من نَجيع الجَدْب في أُزُر

وقَاسِم الجُوْد في عالٍ ومُنْخَفضٍ … كقِسْمَة الغَيْث بين النَّبْت والشَّجَر

قد أخَذَ قَوْمٌ على أبي العَلَاء قولَهُ:

لولا الفُصَيْصِيُّ كان المَجْدُ في مُضَر

وجعلُوا هذا القَوْل دَليْلًا على سُوءَ اعْتِقَاده، لأنَّهُ يُشْعِر بتفْضِيْل الفُصَيْصِيّ على النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، لأنَّ المَجْد في مُضَر كان بهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا جاء الفُصَيْصِيُّ صار المَجْدُ في قَحْطَان. قالوا: وهذا تَفْضيلٌ للفُصَيْصِيّ، نَعوذُ بالله من ذلك.

وكُنْتُ أبدًا أسْتَعْظُم معنَى هذا البَيْت، وأُفكِّر له في وَجْهٍ يُحْمَل عليهِ، وتأويلٍ يَصْرفُهُ عن هذا المَعْنَى القَبِيْح الّذي طَعَن به الطَّاعنُ على ناظِمه، فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>