للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّد بن المُؤيَّد التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنِي جَدِّي أحْمَدُ بن مُحَمَّد المَعَرِّيّ التَّنُوخِيّ أبو اليَقْظَان، قال: وتُوفِّيَ - يعني أبا العَلَاء - بين صَلَاتي العشَائين لَيْلَة الجُمُعَة الثَّالث من شهر رَبيع الأوَّل سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة.

وقَرَأتُ في تاريخِ غَرْس النِّعْمَة أبي الحَسَن مُحَمَّد بن هِلِّل الصَّابِئ (١)، في حَوَادِث سَنَة تِسْعٍ وأرْبعين وأرْبَعِمائة، قال: وفي الجُمُعَة الثَّالث عشر من شهر رَبيع الأوَّل تُوفِّي بمَعَرَّة النُّعْمَان من الشَّام أبو العَلَاء أحْمَد بن عبد الله بن سُلَيمان.

قال: وأَذْكُر عند ورُود الخَبَر بمَوْتِه، وقد تذاكَرْنا أمْرَهُ، وإظْهاره الإلْحَادَ وكُفْره، ومعَنا غُلَامٌ يُعْرفُ بأبي غَالِب بن نَبْهان، من أهْل الخَيْر والسَّلامَة والعِفَّة والدِّيانَة، فلمَّا كان من غَد يومنا حَكَى لنا وقد مَضى ذلك الحَدِيْثُ بسَمْعه عَرضًا، فقال: أريتُ البَارِحَة في مَنامي رَجُلًا ضَرِيرًا، وعلى عاتِقه أفْعَيان مُتَدلِّيان إلى فَخذيه، وكُلّ منهما يَرْفع فَمه إلى وَجْهِهِ، فيقطعُ منه لَحمًا يزدَردهُ، وهو يَصِيْحُ ويَسْتَغيث، فقلتُ: منْ هذا؟ وقد أفْزعَني ما رأيتُه منهُ، ورَوَّعَني ما شاهدْتُه عليه، فقيل لي: هذا المَعَرِّيّ المُلْحِدُ، فعَجِبْنا من ذلك، واسْتَطْرفناهُ بعقب ما تَفَاوَضْناهُ من أمْره وتجارَيْناه.

قُلتُ: خَفِي على غَرْس النِّعْمَة تأويل المَنَام وهو أنَّ الأفْعَيين: هو والّذي كان يُذَاكِرهُ بإلْحَادِ المَعَرِّيّ وكُفْره، فرأى هذا الغُلَام في النَّوْم ما عاينَهُ منهما في اليَقَظَة، قال الله سُبْحَانه وتَعالَى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (٢)، وأمَّا صياحُهُ واسْتغَاثَتُهُ فإلى الله تعالَى عليهما.

ذَكَرَ الوَزِيرُ القَاضِي الأكْرَم أبو الحَسَن عليّ بن يُوسُف الشَّيْبَانِيّ في كتابِ إنْبَاءِ الأَنْبَاه في أَنْباء النُّحَاه (٣) قال: قَرأتُ بخَطِّ المُفَضَّل بن مَوَاهِب بن أسَد


(١) تقدم التعريف بتاريخ غرس النعمة في هذا الجزء.
(٢) سورة الحجرات، من الآية ١٣.
(٣) عنوان الكتاب في نشرته المطبوعة: إنباه الرواة على أنباه النحاة، وانظر كلام القفطي فيه ١: ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>