للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهْلكُوا عَشِيْرتيّ، فيقُول له ابن الأنْبارِيّ الكاتِب: لو أخَذُوا بلحيَتي ما خَرَجْتُ إليهم حتَّى يَهِلَّ هِلالُ المحرَّم، يُريدُ سَنَة إحْدَى وتِسْعِين.

قال أبو غَالِب بن المُهَذَّب: سَنَة إحْدَى وتِسْعِين، فيها سار مُحَمُّدُ بن سُلَيمان الكَاتِب الأنْبارِيّ إلى القَرَامِطَة، فأوْقع بهم في قَرْيَةٍ تُعرف بالحُسَيْنيَّةِ، فقتَلهم، وبدَّدَ شمْلَهُم، ولمَّا تَصَوَّر القِرْمِطِيّ ورأى أنَّهُ لا طَاقَة له بعَسَاكِر الخِلَافَة، هَربَ قَبْل الوَقْعَة بأصْحَابهِ، فحصَل في قَرْيَةٍ شَرْقيّ الرَّحْبَة تُعرفُ بالدَّاليَة، في نَفَرٍ يَسيْر من خَواصّ أصْحَابه، فتَسَتَّروا بها، وبَعَثَ بعض أصْحَابه مُتَنَكِّرًا ليتمارَ لهم ما يَحتاجُونَ إليهِ، فأخِذَ وأَنْكر، وأُتِي به إلى رَجُلٍ كان يتوَلَّى مَعُونَةَ الدَّالِيَةِ يُعرفُ بأبي خُبْزَةَ لأحْمَد بن مُحَمَّد بن كشْمَرْد، وكان ابن كشْمَرْد والي الرَّقَّة، وكان أبو خُبْزَة صغِير الشَّأن حَقِيْرًا في الجُنْد، فسَألَهُ أبو خُبزَة عن خَبَره وقِصَّته، فتبيَّن منه قَوْلًا مُختلفًا، فألَحَّ عليه أبو خُبْزَة، فأقرَّ ذلك الرَّجُل بأنَّهُ من رجال القِرْمِطِيّ، ودَلَّ عليهم في أيّ مَوضع هم، لخرَجَ أبو خُبْزَةَ فيمَن جَمَعَهُ من الأجْنَادِ الرِّجَال إلى المَوضع الّذي فيه القِرْمِطِيّ وأصْحَابه، فظَفِرَ بهم وبالقِرْمِطِيّ، وكان معهم حمْلان من المالِ، فأخَذهُم والمال مَعَهُم، وحَملهُم إلى ابن كشْمَرْد والي الرَّقَّة، فأخَذهُم، وكَتَبَ بخَبَرهم إلى المُكْتَفِى، فبَعَثَ إليهِ منْ تسلَّمهُم منه وأوْرَدَهم الرَّقَّة، وانْحَدَر المُكْتَفِي إلى مَدِينَة السَّلام بَغْدَاد وهم معه، فبَنى لهم دَكَّةً عَظِيمَةً بِظَاهِرِ القَصْر المُعْتَضِدِيّ، وعُذِّبُوا عليها بأنْواع العَذَاب.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات بن مُحَمَّد بن الحَسَنِ كتابةً، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمُّد الدِّمَشقيّ، قال: قرأتُ على أبي مَنْصُور بن خَيْرُون، عن أبي مُحَمَّد الجوهَرِيّ، وأبي جَعْفَر بن المُسْلِمَة، عن أبي عُبَيد اللّه (a) مُحَمَّد بن عِمْران بن مُوسَى المَرْزبانيّ (١)،


(a) الأصل: عبد اللّه، وهو مشهور معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>