وكتَبَهُ لي بخَطِّه، قال: أنْشَدَنا الشّيْخ الأجَلَّ أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الخَزرجيّ التِّلمِيسَانِيّ، رَحِمَهُ اللهُ، قال: أنْشَدَنا الأدِيْبُ البَارعُ أبو العبَّاس أحْمَدُ بن عَبْد الغَنِيّ القُطْرُسيِّ لنَفْسِه يَمْدَحُ المَلِك النَّاصِر ويُهَنيه بفُتُوح الشَّام، وأُنْشْدَتْ بِظَاهِر بيت المَقْدِس في شَعْبان سَنَة ثَلاثٍ وثمانين: [من الخفيف]
فيكَ نَتْلُو عليكَ إنَّا فَتَحْنَا … فتَهَنَّأْ بما ملَكْتَ تَهِنَّا
ما رَأى النَّاسُ قَبْل دَوْلتك الغَـ … ـرَّاءِ مَنْ نَالَ كُلَّ ما يَتَمَنَّى
أيَّدَ اللّهُ دِيْنَهُ بكَ حتَّى … كُنْتَ دِرْعًا لهُ وسَيْفًا وحِصْنَا
وأعَزَّ الهُدَى بعزِّكَ حتَّى … بدَّلَ الشَّامُ خَوْفَهُ بكَ أمْنَا
فرَأينا الثُّغُور مُبْتَسِماتٍ … لتَلَقِّيكَ قائلاتٍ أمنَّا
وسَمِعْنَا السُّيُوفَ ينشَدُ عنها … ما تُقَضَّى لُبَانَةٌ عند لُبْنَى
تَتَهادى إليكَ مثْلَ الغَوَاني … حَالِيَاتٍ وهُنَّ بالحُسْن أَغْنَى
كُلَّما رُمْتَ مَعْقلًا مَلَكَتْهُ … لكَ يُمْنى لا تَعْدَمُ الدَّهْرَ يُمْنَا
راقَهُ منْكَ خاطبُ نَقَدَ الهِنْـ … ـدِيَّ ضَرْبًا والسَّمْهريَّةَ طَعْنَا
ونِثَارٌ منَ السِّهَامِ علَيها … نَظَمَ الشَّمْلَ بالوصَالِ وَهَنَّا
ومَجَانِيْقُ راعَت الجَوَّ حتَّى … دَرَّعَتْهُ أنَامِلُ الرّيح مُزْنَا
فسَنَا البَرْقِ لوْعَةُ فيهِ والرَّعـ … ـدُ أنينٌ كذاكَ منْ خَافَ أَنَّا
فَهْيَ كالشُّهْبِ في البُرُوج وإنْ كا … نَتْ سماوَاتُها منَ الأرْض تُبْنى
حَائِراتُ بسَطْوةِ المَلِكِ النَّا … صِر جَوْرًا بِهِ على العَدْلِ يُثْنَى
مَلِكٌ عندَهُ تُنالُ الأمَانِي … إنْ دعَوْنا صَوْبَ الغَمام فضَنَّا
أصْبَحَ الدَّهْرُ منهُ أفْصَحَ (a) لفْظ … مُعْرب وَهْوَ منهُ أبْلغُ مَعْنى
مَلَكَ النَّاسَ والزَّمان فقَدْ رَدَّ … تْ سطَاهُ حَوادِثَ الدَّهرِ زَمْنى
(a) الأصل: أصح، وبها ينكسر الوزن، وعليها أثر تصحيح.