للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحيم

وبه تَوفيقي

نَقَلْتُ من كّتاب الرَّبْيع، تأليفُ غَرْس النِّعْمَة أبي الحَسَن مُحَمَّد بن هِلِّلِ بن المُحَسِّن بن إبْراهيم بن هِلِّلِ المَعْروُفُ بابنِ الصّابِئ، وأنْبَأنَا بهِ أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللّه بن المُقَيِّر، عن أبي الفَتْحِ مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُمْيدِيّ، قال: أخْبرَنا غرْسُ النِّعْمَةِ أبو الحَسَن، قال: وحَدَّثَني الوَزِير فَخْر الدَّوْلَة أبو نَصْر، قال: حَدَّثَني نَصْرُ الدَّولَة أبو نَصْر بن مَرْوَان صاحب آمِد ومَيَّافَارقِين وتلك الثُّغُور، وكان نَاظِرًا له إلى حين وفاته، قال: كان بعضُ مُتَقَدِّمي الأكْرَاد معي على الطَّبَق، فأخَذْتُ جَمَلَةً مَشْوِيَّةً ممَّا كان بين يَدي فأعطيْتُه إيَّاها، فأخَذَها وضَحِكَ! فقُلتُ: ممَّ تَضْحكُ؟ فقال: خَيْر. فظَنَنْتُ أنَّهُ قد عابَ عليَّ ذلك فألحَحْتُ عليهِ، ودَافعَ عن الجَوَابِ حتَّى رَفَعْتُ يَدي، وقُلتُ: لا آكل شيئًا حتَّى تُعَرِّفَني سبَبَ ضحكك ما هو؟ فقال: شيءٌ ذَكَّرْتَنيه الحَجَلَةُ، وذاكَ أنَّني كنتُ أيَّام الشَّبَاب والجَهَالَة قد أخذتُ بعضَ التُّجَّار في طَريق وما كان معَهُ من المَتَاعِ وقرَّبْتُه إلى لِحْف جَبَل، فاردْتُ قَتْلَهُ خَوْفًا على نَفْسِي منهُ وأنْ يَعْرِفَني من بَعْد ويُطَالبَني ويُعَرِّضَني للقَبِيْح ويَعْتَرضني، فقال: يا هذا، قد أخَذْت مالي وأفْقَرْتَني وأوْلَادِي، فدَعْني أرْجع إلى عيلِتي فأكُدُّ عليهم فلا تَحْرمُهم مالي ونَفْسِي، وبَكَى وسَألني وتَضَرَّع إليَّ، فلم أرقَّ لهُ شرهًا إلى ما كان معهُ، فلمَّا أيسَ من الحَيَاة، الْتَفَتَ إلى حَجَلَتَيْن على جَبَل وقال لهما: إشْهَدا لي عليهِ عند اللّه تعالَى أنَّهُ قاتلي ظُلْمًا، وقَتَلْتُه، فلمَّا رأيتُ الحَجَلَة الآن ذكرتُ ذلك الرَّجُل وحُمْقه في اسْتِشْهَاده الحَجَل عليَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>