للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مُنِير مدحَهُ بقَصِيدَة فيها بيتٌ أوَّلهُ (١): [من البسيط]

مِنِّي ومنْكَ اسْتَفاد النَّاس ما كسَبُوا

وكان ابن مُنِير كَثِيْر الأعْدَاء عنده، فقال له بعضُ الأعْدَاء عنده بعد خُرُوج ابن مُنِير: انظُر أيُّها الأَمِير إلى قَوْل ابن مُنِير لك يُهَدِّدك في هذا البَيْت: منِّي ومنْكَ، وكان رجُلًا جَاهِلًا تُرْكيًّا، وقد سَمِعَ النَّاس يقُولونَ عند تَهْديد بعضهم بَعْضًا: منّي ومنك! فوقَع ذلك في نَفْسه وغضِبَ وطلبَهُ، فاخْتَفِي وخَرَجَ عن دِمَشْق، هذا معنى ما حَكَي لي قاضي العَسْكَر. ويُحْتمل أنْ يكُون خوْفه واخْتفاؤه لمَجْمُوع الأمْرَين، واللهُ أعْلَمُ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الأصْبَهَانِيّ المَعْرُوف بالعِمَادِ الكَاتِب، في كتاب خَرِيْدَة القَصْر وجَرِيْدَة العَصْر (٢)، قال: المُهَذَّبُ أبو الحُسَين أَحْمَدُ بن مُنِير الطَّرابُلُسِيّ كان شَاعِرًا مُجيْدًا مُكْثِرًا هَجَّاءً، مُعَارضًا للقَيْسَرِانيّ في زَمانه، وهما كفَرَسَي رِهَانٍ، وجَوَادِي مَيْدَان، وكان القَيْسَرَانِيّ سُنِّيًّا مُتَورِّعًا، وابن مُنِير مُغَاليًا مُتَشَيِّعًا (a). سَمِعْتُ الأَمِيرَ مُؤيَّد الدَّوْلَة (b) أُسامَةَ بن مُنْقِذ بدِمَشْق سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وهو يذكُره، وجَرَى حَديث شِعْر ابن مِكْنِسَة المِصْرِيّ وقَوله (٣): [من الكامل]

لا تَخْدَعنَّك وَجْنَةٌ مُحمَّرةٌ … رقَّت ففي اليَاقُوت طَبْعُ الجَلْمَد

فقال: من هذا أخَذَ ابنُ مُنِير حيثُ يقُول (٤): [من الكامل]


(a) بعده في الخريدة: وتوفي بعد سنة خمسين.
(b) الخريدة: مؤيد الدين، وانظر ترجمته الآتية في هذا الجزء من البغية.

<<  <  ج: ص:  >  >>