للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتَمَّهم قامةً. وكانت اعْتقاداتُهم مثل ما كان عليهِ أهْلُ الشَّام قديمًا، إلَّا من تَخَصَّص منهم، وقِبْلَتُهم مُوافقَةٌ لقِبْلة أهلِ الشَّام.

يُشيرُ بقوله: وكانت اعتِقاداتُهم مثل ما كان عليه أهلُ الشَّام قديمًا؛ إلى مَذْهب أهلِ السُّنَّة، وكذلك كان مَذاهبُ أهْل حَلَب، حتَّى هَجَمَها (a) الرُّومُ في سَنَة إحْدَى وخَمْسين وثَلاثِمائة، وقَتَلُوا مُعظم أهلها، فنَقَلَ إليها سَيْف الدَّوْلَة من حَرَّان جماعةً من الشِّيْعَة مثل الشَّريف أبي إبْرَاهِيم العَلَويّ وغيره، وكان سَيْف الدَّوْلَة يَتَشَيَّع، فغَلَب على أهْل حَلَب التَّشَيُّع لذلك.

وقَوْله: وفي وسطها قَلْعَةٌ على جَبَل وسط المَدِينَة، ليس كذلك، بل القَلْعَة في طَرف المَدِينَة، وسُور المَدِينَة يَخْتلط بسُورها، والظَّاهرُ أنَّه شاهَدَ القَلْعَة من داخل المَدِينَة فظنَّها في وسطها، ولم يُشاهدها من خارج.

وقَوْله: وشِرْب أهْل حَلَب من نَهْر قُوَيْق، ليسَ كذلك، إلَّا لَمْن كان بالقُرْبِ منه، أو أنَّه أراد ما يَحْمله السَّقَّاؤون في الرَّوَايا، بل الغَالِب في شرْب أهْلها من قَنَاةِ حَيْلان.

وقد أنْبَأنَا أبو مُحمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف، عن أبي الفَتْح بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا الحُمَيْديّ، قال: أخْبَرَنا مُحمَّد بن هِلِّل (b) بن المُحَسِّن الصَّابِئ، قال:


(a) في ك: هجمتها.
(b) في الأصل - حيثما يرد في سائر أجزاء الكتاب -: هلل، وأحالها ناس نسخة "ك" - وهي نسخة متأخِّرة جدًّا - إلى: هلال بألفٍ وُسْطى، جَريًا على الرَّسم المتأخِّر للأسماء التي كانت تُطرح منها الألف مثل: معوية = معاوية، وإسحق = إسحاق، وهرون = هارون وغيرها، ممَا درجَ عليه المحقِّقون. لكنَّ الباحث العراقي المحقِّق الدكتور إحسان ذنون الثامريّ، توصَّل إلى وجه آخر في كتابته، وأنه: هِلِّل أو: هِلِّيْل، وليس هِلَالًا، وتحقَّق من ذلك بالاتِّكاء على أصول خطيَّة كثيرة متنوعة، ورد فيها الاسم - في سياقة أسماء أفراد الأسرة - مجوَّدًا على هذه الصورة، ومنها أصول بخط أبي إسحاق الصابيء أحد كتاب الأسرة البلغاء، وجدُّ هِلّل المذكور أعلاه، وأدَّاهُ البحث والتتبُّع أيضًا إلى أن هذا الاسم بصيغة "هِلَّل" و"هِلِّيْل"، هو من أسماء الصابئة القدماء، ذكر ذلك كله في دراسة مُطوَّلة سبقت النصّ المنشور من كتاب ديوان رسائل الصابئ (وهو قيد الطَّبع)، وضمَّنها نماذج مخطوطة تدلّل على صواب مذهبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>