للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلتُ: الكَنِيْسَة الّتي أشارَ إليها في القَلْعَة أنَّ فيها مَذْبَح إبرَاهِيْم عَليهِ السَّلامُ، هي الآن مَقام إبْرَاهِيمَ عَليه السَّلامُ الأسْفَل، والكَنِيْسَة الأخْرى دَثَرَتْ، والمَسْجِد الّذي في أعْلى القَلْعَة هو مَقَامُ إبَراهِيم عليه السَّلامُ الأعْلَى، وأمَّا البِيَعُ السِّتّ، فاثْنتان باقنتان؛ إحداهُما بالقُرْبِ من الزَّجَّاجين إلى جانب مَسْجِد ابن زُرَيْق، والأُخرى بالقُرْبِ من الرَّحْبَة، والبَواقي جُعِلَت مَسَاجد في سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة حين حَصَر الفِرِنْجُ حَلَب وبَعْثَرُوا الضَّريح الّذي بمَشْهَدِ الدَّكَّة، ويقال إنَّ به سِقْطًا للحُسَين بن عليّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وكان يُدبِّر أمْر البَلْدةِ أبو الفَضْل بن الخَشَّاب، لأنَّ صاحبَها تَمُرْتاش بن إيلْغَازِي بن أُرْتُق كان بِمَارِدِينَ، فجعَل ابنُ الخَشَّابِ كَنَائِس حَلَب هذه مَسَاجِد، إحداهما (a) الكَنِيْسَة العُظْمَى الّتي يُقالُ إنَّ هِيْلانَة ملكة القُسْطَنْطِينيَّة بنَتْها، فجُعِلَ فيها مِحْرَابٌ، وعُرِفَت بمَسْجِد السَّرَّاجين، وهي غَرْبي المَسْجِد الجامع وجعلَها نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي مَدْرَسَةً لأصْحَاب أبي حَنِيفَة رَضِيَ اللهُ عنهُ، والأُخرى جُعِلَت مَسْجِدًا بالحَدَّادِين، فَوُقِفَت مَدْرَسَةً للحَنَفِيَّة أيضًا؛ وَقَفَها حُسام الدِّين لاجِيْن وهي مَدْرَسَة الحَدَّادِين، والأُخرى كانت بدَرْبِ الخَرَّاف (b) فهدَمَها عَبْد المَلِك بن المُقَدَّم، وبناها مَدْرَسَة للحَنَفِيَّة أيضًا، وأمَّا الرَّابعة فلا أعْلَم بها.

قَرَأتُ بِخَطِّ الحُسَيْن بن كَوْجَك العَبْسيِّ الحَلَبيِّ، في كتاب سِيرَة المُعْتَضِد بالله، تأليف سِنَان بن ثَابِت بن قُرَّة، كتَبَ بها إلى أبي الحُسَيْن مُحمَّد بن عَبْد الرَّحْمن الرَّوذْبَاريِّ الكَاتِب، قال ثَابِت بن سِنَان في أوَّل الجزءِ السَّادِس منها: لمَّا انتهَيتُ إلى هذا المَوْضِع، أمَرَني أَمِير المُؤمِنِين أنْ أُمَيِّزَ معهُ، وبحَضْرَته،


(a) هكذا في الأصل و ك، بالتثنية.
(b) في ك: درب الخزاف، والضبط من ابن شداد: الأعلاف الخطيرة ١/ ١: ٣١٥ - ٣١٦، ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>