بَرِّيَّة خُسَاف خمسة عَشر مِيْلًا بأمْيَال العِرَاق، وفيها قُرَىً خراب، ثمّ يوجد بعد هذه الخَمْسة عَشر مِيْلًا ماء نَزْرٌ قليل يَنْصَبُّ من قَنيِّ من حَدِّ حَلَب في قُنيِّ (a) حتَّى يَنْتهي إلى هذا المَوْضِع قليلًا يسيرًا، وفي هذا المَوْضِع يَجْري إليه الماءُ من قَرْيَة لمُحمَّد بن العبَّاس الكِلابيِّ، تُعْرَفُ بقَرْيَة الثَّلج (١)، كانت المَنْزل ذلك اليوم، والقُنِيُّ في هذه القَرْيَة غَزيرة كَثِيْرة الماء، قد سِيْقَت من نَهْر حَلَب من نَهْر قُوَيْق، من مَوْضِعٍ إلى مَوضِعِ، حتَّى انْتهى إليها، ثمّ إلى المَوْضِع الّذي ذَكَرناهُ على رأس بَرِّيَّة خُسَاف، وبين بَالِس وبين قَرْيَة مُحمَّد بن العبَّاس الكِلابيِّ ثلاثة وعشرون مِيْلًا، تكُون سَبْعة فَرَاسِخ ومِيْلَين.
قلتُ: هكذا ذَكَرَ أحَمد بن الطَّيِّب، وقد أخْطأ في مَوْضعين أحدهما قوله: يَنصَّبُ من قُنِيّ من حَدِّ حَلَب، والآخر في قوله: والقُنيِّ في هذه القَرْيَة غزيرة كَثْيِرة الماء، قد سِيقَتْ من نَهْر حَلَب، من نَهْر قُوَيْق، فإنَّ حَدَّ حَلَب ونَهْر قُوَيْق بعيدٌ من هذا المكان، يكون مِقْدَار ستَّة فَرَاسِخ من جِهَة الغَرْب، وهذه القُنيِّ تأتي من جهة الشَّمَال، لكنَّ الماء في هذه المواضِع الّتي ذَكَرها وفي قُرَى تأتي بعد ذلك فيما بين هذه المواضِع وبين النَّاعُورَة (٢)، قد حُفِرَ له جِباب إلى مَنْبع الماء، ومَنْبَع الماء قَرِيْبٌ في تلك الأرْض كُلّها، ثمّ خُرِق بعض الجِباب إلى بعض إلى أنْ ينتهي الماء إلى أرض يتسلَّط عليها، فيَسْقي أرْض تلك القَرْيَة، وهذه القَرْيَة الّتي أشار إليها أظنُّها تُعْرف الآن بالكِلابِيَّةِ.