للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمرَكُم بالصَّدَقَة؛ فإنَّ مثَلها كمثَلِ رَجُلٍ أخذَه العَدُوّ فأسروا يدَهُ (a) إلى عُنُقه، وقدَّمُوه ليضربُوا عُنُقَه فقال: لا تقْتُلوني فإنِّي أفْتَدِي منكم نَفْسِي بكذا وكَذَا من المال، فأرسلُوه فجعَلَ يَجْمَعُ لهم حتَّى فَدَى نفسه، وكذلك الصَّدَقَة.

وأمرَكُم بكَثْرةِ ذِكْر اللّهِ؛ فإنَّ مثلَ ذِكْر اللّه كمثَل رَجُلٍ طلبَهُ العَدُوّ فانْطَلقُوا في طلبهِ حتَّى أتَى حِصْنًا حَصيْنًا وأحْرَزَ نفسَه، كذلك مثَلُ الشَّيْطان لا يُحْرزُ العِبَادُ منه أنفسَهم إلَّا بذِكْر اللّه.

فقال رسُول اللّهِ صَلَّى اللّهُ عليه وسلَّم: وأنا آمرَكُم بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أمَرَنِي اللّهُ بهنَّ: بالجَمَاعَةِ، والسَّمْع، والطَّاعَةِ، والهِجْرَةِ، والجِهادِ، فَمَن خَرجَ من الإسْلَام قِيْدَ شِبْرٍ فقد خَلَع رِبْقَة الإسْلَام من رأسه إلَّا أنْ يراجع، ومنْ دَعا دَعْوَة جَاهِلِيَّةً فإنَّهُ من حُثَاءِ جَهَنَّم. فقال رَجُلٌ لرسُول اللّه صَلَّى اللّهُ عليه وسَّم: وإنْ صَام وصَلَّى؟ قال: نَعَم؛ وإنْ صَامَ وصَلَّى، ادعُوا بدَعْوَة اللّه الّتي سمَّاكم بها المُسْلِمُونَ المُؤْمنُونَ عِبَاد اللّه.

أنْشَدَني بعضُ الفُقَرَاءِ ممَّن صَحِبَ إسْمَاعِيل بن سُودكِينْ أبْيَاتًا لإسْمَاعِيْل المذكُور وهي: [من الكامل]

ما هَبَّ من نَسَماتِ نشْرِكَ عَابِقُ … إلَّا وسِرُّ الوَجْدِ منِّي نَاشِقُ

أو لاحَ ليْ من بَرْق ثَغْركَ لامعٌ … إلَّا وقابلَهُ فُؤَادٌ خَافِقُ

يا أهل ذَيَّاكَ الحِمَى قَلْبي بكُمْ … أبدًا وإنَّ عزَّ التَّلَاقي وَامِقُ

قَدُمَتْ عهُودُكُمُ فزادتْ حُرْمةً … عندي وحُقَّتْ للذِّمام حَقَائِقُ

وسَلَا أُناسٌ إذ تقادَمَ عَهْدُهُمْ … وأنا لكُمْ ذاكَ المُحبُّ الصَّادِقُ


(a) ب: فأسره وأيده.

<<  <  ج: ص:  >  >>