للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخَرَجَ من الكُوفَة على ذلك، فصار إلى بَغْدَاد ففتح له من الشِّعْر فقالَهُ، وكسبَ المالَ، وصارَ إلى ما صَار إليهِ.

وقال أبو العبَّاس أحْمَدُ بن عُبَيْد اللّه بن عَمَّار في أخْبَار أبي العَتَاهِيَة (١): ولم يَصنع الجاحِظُ في قَوْله: كان مُخَنَّثًا، شيئًا، لكن حالتُه في أوَّل أمره كانت خسِيْسة، وكان أبُوه من السُّوْقَة بالكُوفَة، ففي كلامه لِيْنُ وترصيعُ بطَبعٍ رَقِيق وقَرِيْحَة صَحِيحة، فكان كلامُه نقيًّا مُخْتَصَرًا، ومَعَانيه (a) قريبة المأخَذ، وكان يُحبّ أنْ يحكى كَلام كُلّ صنْفٍ من النَّاس.

قَرَأتُ في كتاب الوَرَقَة، تأليفُ مُحَمَّدِ بن دَاوُد بن الجَرَّاح (٢)، قال: أبو العَتَاهِيَة إسْمَاعِيْل بن القَاسِم بن كَيسَان، كُوفيٌّ، مَوْلَى لعَنَزَة، وكان يتكسَّبُ بالعشْق (b)، ويتَوصَّلُ إلى مَدْح الخُلفَاء، وله من الشِّعْر الجَيِّدِ في الرَّقِيْق والمَدِيح والزُّهْد ما ليس لأحدٍ، وعلى ذلك كَثُر غُثاؤُه وسقَطُه، وكان سَلِم (٣) يَقُول: هو أشْعَر الإنْس والجِنّ.

وقَرَأَت في مُعجَم الشُّعَراء تأليف أبي عُبَيد اللّه مُحمَّد بن عِمران المَرزُبانيّ (٤) - وأنبَأنَا به ابن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجوهَرِيّ، عن أبي عُبَيْدِ اللّه - قال: أبو العَتَاهِيَةِ إسْمَاعِيْل بن القَاسِم بن سُوَيْد بن كَيْسَان مَوْلَى عَبَّاد بن رِفَاعَة العَنَزِيّ الكُوْفيّ، وكان كَيْسَان جدّه من أهْل عَيْن النَّمر، وأبو


(a) ب: وكانت معانيه.
(b) مهملة في الأصل، وإعجابها من ب، ولعل الأظهر: الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>