للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفَرَ النَّصارَى بعدَمَا … غَدَرُوا (a) به دِيْنَ المَسِيْح

فكَفَاهُ (b) عِزُّ الدَّولَةِ بن فَائِق، وقَام بحالهِ إلى أنْ مات.

قَرأتُ بخَطِّ صَدِيْقنا عُمَر ابن الرَّبِيْب أبي المَعَالِي أَسْعَد بن عَمَّار المَوْصِلِيّ في مَجْمُوع وذَكَرَ أنَّهُ نقَلَ هذا الخَبَر من مَجْمُوع بالدِّيَار المِصْرِيَّة: لمَّا تُوفِّي ابن مَمَّاتِيّ عَامِل دِيْوَان النَّظَر الخاصّ يَوْمئذٍ فرَثَاهُ ابن مِكْنسَة، شَاعِر الدَّوْلَة المِصْرِيَّة، والوِزَارَة الأفْضَلِيَّة بقَصِيدَةٍ من جُمْلَتها: [من مجزوء الكامل]

طُوِيَتْ سَمَاءُ المكرُما … تِ وكُوِّرت شَمْسُ المَدِيْح

يا نَفْس ماذا تَصْنَعِيـ … ــنَ وقد فقَدْت أبا مَلِيْح

وكان مُتَواتر الصِّلَةِ إليه، فاتَّصَل ذِكْرُ هذه الأبْيَات بالأفْضَل ابن (a) أمير الجُيُوش، وَزِير الآمر، فعَظُم عليه، وقال: تَقُول كَذَا وكذا، وكَرَّر القَوْل مِرَارًا، وقال: إذا كان قَوْلك هذا في نَصْرَانيّ خِنْزِيْر فما الّذي أبْقَيْتَ لنا؟ تقُول:

طُوِيَتْ سَمَاءُ المكرُماتِ

وما بقي بعدَهُ كَرِيمِ، ثمّ أمرَ بإبْعادِهِ من مِصْر وقطَع جَارِيَهُ وجرايَتُه ورَسْمَهُ، وقال: إنْ سَمِعْتُ بخَبَره ضَربْتُ رقَبَتُه، فلمَّا طال الأمْرُ عليه، وحُرمَ رِزْقهُ وعجَز عن قيام أودَهِ، عدَّى في مَرْكبٍ حتَّى أرْسَى تحت الرَّوْضَةِ، فلمَّا رآهُ الأفْضَلُ انْتَهَره وقال: ما سَمِعْتُ أنِّي متَى رأيتُكَ في الدُّنْيا ضَربْتُ عُنُقكَ؟ أحْضروا السَّيَّاف، فقال: وحقّ نِعْمتك ما أنا في الدُّنْيا، ولا أنا إلَّا في الآخرة في النَّعيم المُقِيْم، وهذه رَوْضَة الجنَّةِ، ثُمَّ أنْشَده قَصِيدَةً من جُمْلَتها: [من المنسرح]

أين مَحَلُّ النُّجُوم من هِمَمِكْ … وأين فَيْضُ السَّحَاب من كَرَمِكْ


(a) الخريدة: عقدوا.
(b) الرسالة المصرية: وكفله.
(c) من ب، ومقحمة في الأصل، وهو الأمير الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>