للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقُبض على شَمْس الدِّين عليّ، وبَدْر الدِّين حَسَن ابْنَي الدَّايَة، وأُوْدعا السِّجْن مع أخيهم سَابِق الدِّين.

ووصَل المَلِكُ النَّاصِر من مِصْر إلى دِمَشْق، فدخَلها سَلْخَ شهرِ رَبِيع الآخر، وسار إلى حِمْص وفَتَحها في جُمَادَى الأُوْلَى، وسار إلى حَلَب ونازلها يَوْم الجُمُعَة سَلْخ جُمَادَى الأُوْلَى، فنَزل المَلِك الصَّالح إلى المَدِينَة وقال لأهْلها: أنا وَلَدكم، وذكَّرهِمِ بحُقُوق والدِه واسْتَعان بهم على دَفْع المَلِك النَّاصر، فبَكَى الحَلَبِيُّون ودعَوا له، ووعدُوه من أنْفسُهم بكُلّ ما يُؤثره.

وبلغَ سَيْفَ الدِّين غَازِي بن مَوْدُود بن زَنْكِي صاحبَ المَوْصِل ما جَرَى، فسيَّر أخاه عِزّ الدِّين مَسْعُودًا إلى لقاءَ المَلِك النَّاصِر، فرَحَلَ عن حَلَب في مُسْتَهَلِّ شَهْر رَجَب وعاد إلى حَمَاة، ووصَل عِزّ الدِّين إلى حَلَب، وأخَذَ مَنْ كان بها من العَسْكَر، وخَرَج إِلى لقاء المَلِك النَّاصِر، وتَصَاف العَسْكَران عند قُرون حَمَاة في تاسِع عَشر شهر رمَضَان، فكسر عِزّ الدِّين، وسار المَلِكُ النَّاصر عَقِيب الكَسْرة ونَزَلَ على حَلَب، فصُولِح على أنْ أَخَذ المَعَرَّةَ وكَفَرْ طَاب، وأخَذَ بَارِين (١).

وكان سَيْف الدِّين غَازِي مُحَاصِرًا لأَخِيهِ عِمَاد الدِّين زَنْكِي، فصَالحَه وسار حتَّى عَبَر الفُرَات، ورَاسَل المَلِك الصَّالِح، وسَعْد الدِّين كُمُشْتُكِيْن، وخرج كُمُشْتُكِيْن إليه واسْتقرَّ اجْتِمَاع المَلِك الصَّالِح بهِ، فوصَل حَلَب، وخَرَج المَلِكُ الصَّالِح إلى لقائه فالْتَقاه قريبَ القَلْعَة واعتنقَهُ وضمَّه إِليه وبَكَى، ثمّ أمره بالعَوْد إلى القَلْعَة، فعَاد، وسار سَيْفُ الدِّين ونَزَل بعَيْن المُباركَة، وعَسْكر حَلَب يَخْرُج إلى خِدْمته في كُلِّ يَوْم، وصَعدَ سَيْفُ الدِّين إلى قَلْعَة حَلَب جَرِيْدَة، ثمّ رحَل


(١) بارين: وتسمى اليوم بَعْرين، قرية في جبل الحلو بمنطقة مصياف بمحافظة حماة، تقع بين حلب وحماة من جهة الغرب، وتشرف من ناحية الشمال على وادي المخينيق، وتبعد عن بلدة عوج نحو ٩ كم، ياقوت: معجم اللدان ١: ٣٢٠ - ٣٢١، المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري ١: ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>