للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَد حَلَب فصَادُوها حتَّى أفنوها من بَلَد حَلَب.

قُلتُ: وهي إلى الآن لا يُوجَد في بَلَد حَلَب منها شيء إلَّا في النَّادر دون غيرها من البِلَادِ.

قَرَأتُ في كتاب عُنْوَان السّيَر، تأليف مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ (١)، قال: وأقْطَع السُّلْطانُ حَلَبَ وقَلْعَتَها مَمْلُوكه آقْ سُنْقُر، ولقَّبَهُ قَسِيم الدَّوْلَة، وذلك في سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، فأحْسَن السِّيْرَة، وظَهَرَ منه عَدْل لم يُعْرَف بمثله، واسْتَغَلَّها في كُلِّ يَوْم ألف وخَمْسِمائَة دِيْنار، ولم يزل بها حتَّى قتلَهُ تاجُ الدَّوْلَةِ تُتُش بن ألْب أَرَسْلَان (a) في سَنَهَ سَبْعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة.

قُلتُ: وكان تاج الدَّوْلَة تُتُش قتلَهُ صَبْرًا بينَ يَدَيْهِ بسَبْعِين؛ قَرْيَةٌ من قُرَى حَلَب من نُقْرَة بَني أَسَدٍ على نَهْر الذَّهَب، وقيل: بكَارِس إلى جَنْبها (b) ؛ وذلك أنَّ تُتُش كان قد حَصَل في نَفْسه شيءٌ من قَسِيم الدَّوْلَة، وكان قَسِيمُ الدَّوْلَة يَسْتَصْغرُ (c) أمرَ تُتُش، حتَّى أنَّني قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليِّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ في تَارِيْخهِ: سَنَة أرْبَعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، وفيها نَزَل تاجُ الدَّوْلَة إلى السُّلْطان، يعني نَزَل تُتُش إلى مَلِكشاه، فلمَّا رآه تَرَجَّل له، وكان في الصَّيْدِ، خِيْفَة أنْ يتَخيَّل منه، وحَضَر هو وقَسِيمُ الدَّوْلَة في حَضْرته، فقال تاجُ الدَّوْلَة تُتُش: كان من الأمْر كَذَا وكذا، فقال له قَسِيم الدَّوْلَة: تَكْذب، فقال له السُّلْطان: تَقُول لأخي كَذَا! قال: نعم، يُطْلِعُ اللَّهُ في عَيْنَيهِ ما يُريدُه لكَ، ويُطْلِعُ في عَيْنيَّ ما أُرِيْدُه لك.

قُلتُ: وعاد تُتُش من خِدْمَةِ أخيهِ (d) إلى دِمَشْق، فلمَّا تُوفِّي السُّلْطان


(a) ب: ابن ألب رسلان.
(b) قوله: "إلى جنبها" ساقط من ب.
(c) ب: استصغر.
(d) قوله: "من خدمة أخيه" ساقط من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>