للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يثق آقْ سُنْقُر بمَن كان معه من العَرَب، فنَقَلهم من المَيْمَنَة إلى المَيْسَرة في وَقْت المَصَافّ، ثمّ نَقَلهُم إلى القَلْب، فلم يغْنُوا شيئًا، وحمل عَسْكَر تُتُش على عَسْكَر آقْ سُنْقُر، فلم يثْبت، وانْهَزَمت العَرَبُ وعَسْكر كَرْبُوقَا وبُزَان -وكَرْبُوقَا وبُزَان معهم- إلى حَلَب، ووَقَع فيهم القَتْل، وثَبَت قَسِيم الدَّوْلَة، فأُسِر وأكْثَرُ (a) أصْحَابه، وحُمِلَ إلى تاج الدَّوْلَة تُتُش، فلمَّا مثَل بينَ يَدَيْهِ أمَرَ بضَرْب عُنقه وأعْنَاق بعض خَواصِّه ودخَل تُتُش إلى حَلَب ومَلَكها على ما نَذْكُره في تَرْجَمَتِهِ (١) إنْ شَاءَ اللَّهُ.

وبَلَغَني أنَّ تاج الدَّوْلَة تُتُش قال لقَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر لمَّا أُحْضر بينَ يَدَيْه: لو ظفرتَ بي ما كُنْتَ صَنَعْت؟ قال: كُنْتُ أقتُلك، فقال له تُتُش: فأنا أحْكم عليك بما كُنْتَ تَحْكُم عليَّ، فقتلَهُ صَبْرًا.

وقَرأتُ بخَطِّ بعض الحَلَبِيِّيْن أنَّ السُّلْطانَ مَلِك شَاه ابن العَادِل وصَل -يعني إلى حَلَب- في شَعْبان سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين، فتسَلَّم البَلَد والقَلْعَة، وسَلَّمهما إلى قَسِيم الدَّوْلَة آقْ سُنْقُر، فأقَامَ بحَلَب ثَمان سنين فقُتِل بكَارِس من أرْض النُّقْرَة؛ نُقْرَة بَني أَسَد في صَفَر سَنَة سَبْعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، قتَلَهُ تاج الدَّوْلَة تُتُش ابن العَادِل.

وقَرأتُ بخَطِّ أبي غَالِب عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن الشَّيْبَانِيّ في تَارِيْخهِ (٢): في جُمَادَى الأُوْلَى -يعني سَنَة سَبْعٍ وثمانين- كان المَصَافُّ بين تاج الدَّولَة تُتُش وبين الأَمِيرَين (b) آقْ سنْقُر وبُوْزَان ومَنْ أمَدَّهمُا بهِ بَرْكْيَارُوق قَريبًا من حَلَب، فلمَّا الْتَقَى الصَّفَّان اسْتأمن ابن أبَق إلى تُتُش وانْهَزَم الباقُون، وأسِرَ آقْ سُنْقُر، فجيء به إلى تُتُش، ففال له تُتُش: لو ظفرت بي ما كُنتَ صَانِعًا فيَّ؟


(a) ب: فأسروا أكثر.
(b) ب: الأمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>