للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُجَاع مُحَمَّد بن دَاوُد، بُرْهان أَمِير المُؤْمنِيْن، نَضَّر اللَّهُ وَجْهَهُ، والسَّبَبَ في وُصُوله إلى الشَّام: كان هذا السُّلْطانُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، ولِيَ الأمْر بعد وفاهَ عَمّه السُّلْطان الأعْظَم أبي طَالِب طُغْرِلبك بن مِيْكائِيل في سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة، وعُمْرُ السُّلْطان طُغْرِلبِك على ما ذُكِرَ قد أناف على ثَمانين سَنَةً، ونَازَعَ السُّلْطانَ المَذْكُورَ في المَمْلَكَة قُتَلْمش ابن عَمّه، ولم يَثْبُت لمُقَاومته، وذَكَر أنَّهُ لقيَه في تِسْعين ألفًا، ومع السُّلْطان يَوْمئذٍ اثنا عَشر ألفًا، فكَسَرهُ، وانْهَزَم قُتَلْمش على وَجْهه، وسقَطَ عن دَابَّتِه في هَزِيْمته، فوُجِدَ مَيِّتًا، وحُمِلَ ودُفِنَ بالرَّيّ. وكانت الدَّامِغَانُ دَارَ مَمْلكته، وقيل إنَّ اللِّقَاءَ بقُرْب ضَيْعَةٍ تُعْرف بِدِهْ نَمَك (١)، وكان أخُو السُّلْطان قَاورْت (a) مُتَمَلِّك كَرْمَان، وكان بينهما مُنَازَعات، وآلت الحال بينهما إلى الصُّلْح والاتِّفَاق.

وفي أيَّامِه أُغْمدَت سُيُوف الفِتْنَة بخُرَاسَان، وبَطُل ما كان عليه التُّرْكُ من الفَسَادِ والعَيْثِ قَبْل اسْتِقْرار المَمْلَكَةِ، وفَتْح البِلَادِ، وعَظُمَتْ هَيْبَتُه، واسْتَقامَتْ مَمْلكَتُه، وانْتَشر عَدْلُه ودَعْوَتُهُ.

وكان سَبَبُ ظُهُوره إلى الشَّام، ما حَدَّثَنِي به الفَقِيهُ أبو جَعْفَر مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن البُخَاريّ (b) رسُولُ ناصِر الدَّوْلَةِ ابن حَمْدَان، المُتَغَلِّب على مِصْر إليه، يَسْتَدعي عَسَاكِرَهُ لتُسَلِّم (c) ديار مِصْر، ويُغَيِّر الدَّعْوَة، وذلك لمَا كان بينه وبين جَمَاعَة من الأُمَرَاء بمِصْر، منهم يَلْدكُوز العَجَمِيّ وغيره بمِصْر، وَأمير الجُيُوش بَدْر


(a) هكذا في الأصل وب، وتقدم ذكره في الجزء الأول عند الكلام على أنطاكية وورد هناك: قاؤر، وهو عند الحسيني: أخبار الدولة السلجوقية ٥٦ وما بعدها: قاورد، وابن الجوزي: المنتظم ١٦: ١٤٧: قاورت بك، وابن خلدون: العبر ٩: ٥٢: قاورد بك وفي مشجر أنسابهم (العبر ٩: ٣٠٥): قارتْبك.
(b) أهمل في الأصل نقط الباء وضبطها بالضم، وأعجم حرف الخاء، وفي المنتقى من أخبار مصر لابن ميسر ٤٣: النحاري، وفي نسخة منه: البخاري.
(c) مهملة في الأصل، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>