زيادٌ: ما وراءَكَ، قال: أُخْبرُكَ أنَّ حُجْرًا قد أعْلَن أمْرَهُ وقد أظْهَر السِّلاح، واجْتُمِعَ إليه في المَسْجِد، [قال] (a) أوَخَلَعَ أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، فقال: لا، ولكنَّكَ خُلِعْتَ أنت! قال: فما فَعَل أَمِيْري؟ -يعني: عَمْرو بن حُرَيْث- قال: في الدَّار، فقال لأصْحَابه: سِيْروا حتَّى نَزَل بقَرْيَة الحَزْمَاءِ (١) فإذا رَاكِبٌ على فَرَس فقال: أين الأَمِير؟ فقالوا: هذا الأَمِير، فما وراءَكَ؟ قال: ظَهَر حُجْرٌ وأعْلَن أمْرَهُ واجْتُمِعَ إليه، قال: فما فَعَلَ أَمِيْري؟ قال: هو في الدَّار، قال: سِيْرُوا فسَارُوا حتَّي نَزَلُوا قَرْيَة الرُّمَّان، فإذا رَاكبٌ يَرْكضُ، فقال مثْل ما قال صَاحِبَاهُ، وقد كان حُجْرٌ حين عَلم أنَّ زيادًا قد أقْبل يُريدُ الكُوفَة قال لأصْحَابه: إنَّ هذا الطَّاغِيَة قد أقْبل فضَعُوا سِلَاحكُم وقُومُوا، فإنْ هو أعْطَانا الّذي نُحِبّ، وإلَّا أعْلَمناكُم فرأيتم رَأْيكَم، فقَدِمَ زِيَاد الكُوفَة، فجاءَهُ وُجُوهُ أهْلها وأشْرَافُهم فجلَسُوا إليه وسلَّمُوا عليه، وأقْبل مُحَمَّد بن الأشْعَث إليه، فدَخَل فقال: السَّلامُ عَليْك أيُّها الأَمِير ورَحْمَةُ الله وبَرَكاتُهُ، فقال: مَنْ هذا؟ قال: مُحَمَّد بن الأشْعَث، فقال: لا مَرْحَبًا ولا أهْلًا! ما فَعَل الرَّجُلُ؟ والله لتأتينِّي به أو لأَسْلُكَنَّ من السَّيْف في بَطْنكَ شِبْرًا، فقال: أصْلَح اللهُ الأَمِير، قد عَلِمَ النَّاسُ عَدَاوتَهُ لي، والّذي بيني وبينَهُ، والله لا يأمنُني على شيءٍ من أمْره، فقال زِيَاد: والله لتأتينِّي بهِ أو لأَسْلُكَنَّ من السَّيْف في بَطْنك شِبْرًا.
قال: فخَرَج مُحَمَّدٌ كَئِيْبًا مَحْزُونًا، فلَقِي جَرِيرَ بن عَبْد الله، فقال جَرِيْر: ما لكَ؟ فقال: قد علمتَ الّذي بيني وبين حُجْر ومُجَانبتَهُ لي، وقد غَضِبَ الأَمِيرُ عليَّ منه، ووعَدَني القَتْلَ إنْ لِمَ آتِهِ به، قال: فما تُريْد؟ قال: أُرِيْدُ أنْ يَرْضَى عنِّي ويُعْفيَني من أمْره. فأقْبَل جَرِيرٌ حتَّي دخَلَ على زِيَاد فرحَّب به زِيَاد، فقال له جَرِيْر:
(a) ساقطة من الأصل الذي نقل عه ابن العديم، وفيه: "وخلع"، فكتبه على الصورة التي وجدها به، وعلَّم فوقها بعلامة "صـ"، وكتب في الهامش: "صوابه: قال: أوَخلع". فصصحناه.