أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّبُ، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد (١)، قال: وذَكَرَ بَعْضُ أهْل العِلْم أنَّهُ -يعني حُجْرًا- وَفَدَ إلى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع أخيه هَانئ بن عَدِيّ، وكان من أصْحَابِ عليّ، فلمَّا قَدِمَ زِيَاد بن أبي سُفْيان وَاليًا على الكُوفَة، دَعَا حُجْرُ بن عَدِيّ، فقال: تَعْلم أنِّي أعْرفك، وقد كُنْتُ أنا وإيَّاكَ على ما قد عَلِمْتَ، يعني من حُبّ عليّ بن أبي طَالِب وأنَّهُ قد جاءَ غير ذلك، وإنِّي أَنْشُدُكَ اللهَ أنْ تُقْطر لي من دَمِكَ قَطْرَةً فاسْتَفْرغه كُلَّهُ، امْلِكْ عليكَ لسَانَكَ، وليَسَعْكَ مَنْزِلُكَ، وهذا سَرِيري فهو مَجْلِسُكَ، وحَوَائِجُكَ مَقْضِيَّةٌ لَدَيَّ، فاكْفِني نَفْسَكَ، فإنِّي أعْرفُ عَجَلَتكَ، فأَنْشُدُكَ اللهَ يا أبا عَبْد الرَّحْمن في نَفْسِكَ، وإيَّاكَ وهذه السَّفِلة، وهؤلاء السُّفَهاء أنْ يَسْتَزِلُّوكَ عن رَأيك، فإنَّك لو هُنْتَ عليَّ أو اسْتَخْففتُ بحَقِّكَ لم أخُصُّكَ بهذا من نَفْسِي، فقال حُجْرُ: قد فَهِمْتُ. ثمّ انْصَرَفَ إلى مَنْزِله، فأتاهُ إخوَانُه من الشِّيْعَة، فقالُوا: ما قال لك الأَمِير؟ قال: قال لي كَذَا وكذا، قالُوا: ما نَصَحَ لك، فأقامَ وفيه بَعْضُ الإعْراض (a)، وكانت الشِّيْعَةُ يَخْتَلفُونَ إليه ويقُولونَ: إنَّك شَيْخُنا وأحَقّ النّاس بإنْكَار هذا الأمر، وكان إذا جاءَ إلى المَسْجِد مَشَوْا معه، فأرْسَل إليه عَمْرو بن حُرَيْث -وهو يَوْمئذٍ خَلِيفَةُ زِيَادٍ علىِ الكُوفَة، وزِيَادٌ بالبَصْرَة-: أبا عَبْد الرّحْمن، ما هذه الجَمَاعَةُ؟ وقد أعْطَيْتَ الأَمِيرَ من نَفْسكَ ما قد علمْتَ! فقال للرَّسُول: تُنْكِرُونَ ما أنتم فيه، إليك ورَاءَك أوْسَعُ لكَ!