للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"وخَرَجَ العَادِلُ إلى بُلْبَيْسَ في عَسْكَرٍ كثيرٍ، وكُنْتُ إذ ذاك عندَهُ رَسُولًا بالقَاهِرَة، فقَبَضَ العَسْكَرُ على العادِلِ (١)، وتَسَلَّمَ الصَّالِحُ أيُّوب الدِّيَار المِصْرِيَّة".

وبَيَّنَ فِي كتابِه زُبْدَة الحَلْب بعضَ تَفاصِيلِ رِحْلتِه ومَضْمُونَ الرِّسالةِ الَّتي حَمَلَها إلى المَلِك العادِل سنة ٦٣٧ هـ، يقول (٢):

"وكُنتُ إذ ذاكَ بالقَاهِرةِ، رَسُولًا إلى المَلِكِ العادِل، أُهَنئُه بكَسْرِ عَسْكره الإفْرنجَ على غرَّة، وأَطْلبُ أنْ يُسَيِّر عمَّاتِه بناتِ المَلِكِ العادِل، معي إلى أُختِهنَّ المَلِكه إلى حَلَب، فاسْتَحْضرَني المَلِكُ الصَّالِحُ أيُّوب، يومَ الثُّلاثاءِ حادي عَشر ذي الحِجَّة، وقال لي: تُقَبِّلُ الأرْضَ بين يَدي السّترِ العالي، وتُعرفُها أنَّني مَمْلُوكها، وإنَّها عندي في مَحَلِّ المَلِكِ الكَامِل، وأنا أعْرِضُ نَفْسي لخِدْمتها، وامْتِثالِ أمْرِها فيما تأمُر به، وحَمَّلَني مثلَ هذا القَولِ إلى السُّلْطانِ المَلِك النَّاصِر.

ونَزَلْتُ من مِصْر، فاجْتَمعتُ بالمَلِك الصَّالِح إسْماعِيْل ابن المَلِك العادِل، في رابع مُحَرَّم سَنَة ثَمان وثلاثين، وحَمَّلني رسالةً إلى المَلِكةِ الخاتُون، يَطْلبُ منها مُعاضَدَته، ومُساعَدتَهُ على المَلِكِ الصَّالِح صاحبِ مِصْر إنْ قَصَدَهُ، فلم تُجِبْهُ إلى ذلك في ذلك الوَقْت".

وسافرَ إلى مِصْر في سَنة ٦٤٠ هـ حسْبَما ذكَرَ ذلك عَرَضًا في تَرْجَمَةِ الشَّيخ أحمد بن يُوسُف بن عليّ، أبي العبَّاس الشَّريف العَلَويّ الحَسَنيّ المُلَقَّب عِمَاد الدِّين المَوْصِلِيّ (٦٤٨ هـ)، ولم يُفْصِح عن طَبِيعة الرَّحلة وهَدفها، ولَم يَذْكرْ في كتابِه زُبْدَة الحَلْب خَبَرَ رحْلتِه في أحْداثِ تلكَ السَّنَةِ، غير أنَّ مَنْطقةَ شَمال سُوريا والجَزِيرة كانتْ تُواجهُ زَحْفَ التَّتَارِ في ذلك الوَقْتِ، فلعلّ سِفارتَهُ كانت عن المَلِك النَّاصِر لغاياتٍ تتَّصل بهذا الشَّأن، قال (الجزء الثَّالث):


(١) قُبض على الملك العادل في ليلة الجمعة ٨ ذي القعدة ٦٣٧ هـ. زبدة الحلب ٣: ٦٩٣.
(٢) زبدة الحلب ٣: ٦٩٣، ونقله عنه ابن واصل: مفرج الكروب ٥: ٣٦٧ - ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>