للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَسَن الطُّوْسيّ كتابةً، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللهِ بن أبي جَرَادَة، قال: أنْشَدَنا القَاضِي أبو الفَضْل هِبَةُ الله بن أبي جَرَادَة، وكتَبها إلى أبي عليّ بن المُعَلّم يسْتَنْهضهُ في ولده أبي غَانِم مُحَمَّد، وكان يُعَلِّمه الأدَبَ (١): [من البسيط]

أبا عليٍّ هو الدَّهْرُ الخَؤُونُ وما … يَحْظَى بجَدْواهُ إلَّا الجاهِلُ الغُمُرُ

ولسْتُ أُنْكِر إنْ عُرِّيْتَ من نَشَبٍ … وقد أطَافَتْ بك الآدَابُ والفقَرُ

كالطَّوْد لا يَرْتَقي يَوْمًا أعاليَهُ … سَيْلٌ وإنْ كان مَحْفُوفًا بهِ الزَّهْرُ

أَغْنَاكَ فَضْلُكَ عن مالٍ تُجَمِّعُهُ … لقد تنَوَّقَ في تَعْويضكَ القَدرُ

من كُلِّ قافيةٍ كالنّجْم سَاِئِرَة … ما عاقَ إدْلَاجَها أَين ولا ضَجَرُ

نتِاج فِكْرٍ خلَا ممَّا يُقَسِّمُهُ … كأنَّ ألْفَاظَها مِن حُسْنِها دُرَرُ

تُطوَّفُ الأرْضَ من سَهْلٍ إلى جَبَلٍ … حتَّى لقد مَلَّ من تَطْوافِها السَّفَرُ

أو خُطْبَةٍ لضُرُوبِ العِلْم جَامِعَةٍ … وللفَصَاحَةِ في تَأليفِها أَثَرُ

جَعَلتها حُجَّةً للدِّين قاهِرةً … لمَعْشَرٍ أظْهَرُوا ضدَّ الّذي سَتَرُوا

غَلُّوا النِّفَاقَ ولولا الخَوْف كانَ لَهُمْ … إلى التَّظَاهُرِ إسْرَاعٌ ومُبْتَدَر

تحْيى القُلُوبُ بذِكْريْها إذا تُلِيَتْ … كالأرْض أحيَتْ بها العَرَّاصَةُ الهُمُرُ

أَغْنَى كلامُكَ عن عَبْد الحَميْد كما … أغْنَى عن النَّجْم يُسْتَضْوى بِهِ القَمَرُ

تَقُومُ كُتْبُكَ في إصْلَاحَ مُنْحَرفٍ … ما لا تَقُومُ بهِ الخَطيَّةُ السُّمُرُ

كم موْقفٍ لكَ في القُرْآنِ قد شَهِدَتْ … به المَحَارِيْبُ والآياتُ والسُّوَرُ

ومن يَدٍ لكَ لم تَقْصِدْ بها عوَضًا … ولا تخلَّلَها مَنّ ولا كَدَرُ

أسْدَيتَها طَلَبًا للأجْرِ في نَفَرٍ … فبَعْهُم شَكَرُوا وبَعْضُهم كَفَرُوا

حَقًّا فما أنتَ إلَّا رَوْضَةٌ أُنُفٌ … وما لسَانُكَ إلَّا الصَّارِمُ الذكَرُ

ومَنْ يُجَاربْكَ يَكْبُو دُوْنَ مَطْلَبِهِ … أَنَّى يُسَاوِي الحَضِيضَ الأنْجُمُ الزُّهُرُ


(١) أورد ابن العديم في كتابه الدراري ٥٩ - ٦٠ أبياتًا أخرى من القصيدة مع البيت الأول منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>