للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَعَ إليَّ بخَطِّ بعض الحَلَبِيِّيْن كُرَّاسَةٌ من شِعْر أبي عليّ بن المُعَلّم، فاخْتَرتُ منها قَوْله، وكَتَب به إلى الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن سِنَانٍ الخَفَاجِيّ يُعَاتبُهُ: [من الكامل]

يا صَاحِبَيَّ وما عَرفْتُ مُصَاحِبًا … إلَّا قضيَّة دَهْره نتَقلَّبُ

أمَّا نَظَرْتَ نظرْتَ صَوْبَ غَمامةٍ … وإذا انْتَجَعْتَ حَيًّا فبرق خُلَّبُ

كالرَّوْضَةِ الغَنَّاءِ عاقَرها النَّدَى … وإذا ظللْتَ بهِ فقَفْر سَبْسَبُ

لا للجميْل ولا لدَفْع مُلمَّة … يوْمًا ولا لسَمَاعِ شَكْوى تَقْرُبُ

لا تَذْكُرَنَّ لي الصَّدِيْقِ فإنَّه … قَوْلٌ يُقَال ومذْهَبٌ مُسْتَغربُ

غزَّتْ مطَالبهُ فأعْوَز نَيْلُه … إلَّا مُنَىً من ضَلّةٍ تتَطَلّبُ

وإذا جَهلْتَ النَّاسَ لَم أَكُ … جَاهِلًا نفسِي ولا من حالها أَسْتَصْعِبُ

عُجَمَاءُ عن فَهْم الجِمِيل وإنَّها … عجْمَاء تُعْربُ في القَبِيْح وتُغْربُ

ومَرِيْضَة الآرَاءِ طَوْع ضلَالها … لا تَعْرْعَوِي جَهْلًا ولا تَسْتَعْتِبُ

وأخٍ على حُكْم الصّفَاءِ تخذتهُ … للأمْر عرف للَّيَالي يعْزُبُ

ضَاقتْ عن الحُسْنَى عَوَارف طَوْله … وثَنَاهُ طَوْعَ هَوَاه قَلْبٌ قُلَّبُ

تَبع اللَّيالِي شِيْمةً وخَلِيْقَةً … وعلى مَذَاهِبها يَجيءُ ويَذْهَبُ

مُتَمرِّض طَوْعَ الحَفِيْظة عَاتِب … ما بتُّ من هَفَواته أتَعَتَّبُ

أُضْحى أَسِيْرَ هَوَاهُ وهو طَليْقُه … وأُجِدُّ وهو بوُدِّه مُتَطرِّبُ

وإذا هَزَزْتَ هَزَزْتَ مَنْ لا يَرْعَوي … وإذا عتَبْت عتَبْت مَنْ لا يُعْتِبُ

أحْنُو عليه بعزَّة مَأْثُورة … عندِي وعَاطِفَةٍ ترقّ وتَعْذُبُ

فإذا جَفَا واصلْتُه وإذا هَفَا … أوجَدْتُه أنّي المُسِيءُ المُذْنِبُ

هذي لعَمْرُكَ يا أُخيَّ سَجِيَّةٌ … فينا ودِينٌ للزَّمَان ومَذْهَبُ

فاعْدِلْ إذا جَارَ الزَّمان وكُن … على حُكْم البَصِيْرة عاذرًا مَنْ تَصْحَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>