للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقَدِمَ كتابُه على هِشَام، فأبَى آلُ عليٍّ وآلُ عَبْد اللَّه بن الزُّبَيْر [ذلك] (a)، وكَتَبُوا وَصَايَاهُم، فركبتْ أُخْتٌ لهِشَام إليه، وكانت جَزْلَةً عَاقِلةً، فقالت: يا هِشَامُ، أَتُرَاكَ الّذي يُهْلك (b) عَشِيْرَته على يَدِه! راجع أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: ما أنا بفاعِلٍ، قالت: فإنْ كان لا بُدَّ من أمْر، فمُرْ آل عليٍّ يَشْتِمُون آلَ الزُّبَيْر، ومُرْ آل الزُّبَيْر يَشْتِمُون آلَ عليّ، قال: هذه أفْعَلُها، فاسْتَبْشَر النَّاسُ بذلك، وكانت أهْونَ عليهم. فكان أوَّلَ مَنْ أُقِيْمَ إلى جانب المَرْمَر الحَسَنُ بن الحَسَن، وكان رَجُلًا رَقِيْق البَشَرَة، عليه يَوْمئذٍ قَمِيْص كَتَّان رقيقهُ (c)، فقال له هِشَام: تكَلَّم بسَبّ آل الزُّبَيْر، فقال: إنَّ لآل الزُّبَيرْ رَحِمًا أَبُلُّهًا ببِلَالها، وأرُبُّها برِبَابها، {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} (١)، فقال هِشَام لحَرَسيٍّ عندهُ: اضْرُبْ، فضَرَبَهُ سوْطًا واحدًا من فَوْق قَمِيْصه فخلصَ إلى جلْدِه فشَرَخَهُ حتَّى سَال دَمُهُ تحْتَ قَدمِهِ في المَرْمَر، فقام أبو هاشِم عُبَيْدُ اللَّه بن مُحَمَّدُ بن عليّ فقال: أنا دُوْنَهُ، اكفيْكَ أيُّها الأَمِيرُ، فقال في آل الزُّبَيْر، وشَتَمهُم، ولم يَحْضُر عليّ بن الحُسَين؛ كان مَرْيْضًا، أو تَمَارَضَ، ولم يَحْضُر عَامِر بن عبد اللَّه بن الزُّبَيْر، فهَمَّ هِشَام أنْ يُرْسِل إليهِ فقيل له: إنَّهُ لا يَفْعل أفنقْتُلُه؟ فأمْسَكَ عنْهُ، وحَضَر من آل الزُّبَيْر مَنْ كَفَاهُ، وكان عَامِر يَقُول: إنَّ اللَّه لم يَرْفَع شيئًا فاسْتَطاع النَّاسُ خَفْضَهُ، انظرُوا إلى ما يَصْنعُ بنو أُمَيَّةَ، يخْفضُون [عليًّا] (d) ويُغْرُون بشَتْمه وما يُزيدُه اللَّه بذلك إلَّا رفْعَة (e).

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إذْنًا أو سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عُمَر بن أحْمَد الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل


(a) زيادة من كتاب الزبيري.
(b) الزبيري: تهلك.
(c) الزبيري: رقيق.
(d) من كتاب الزبيري.
(e) الزبيري: يريد اللَّه. . . رفْعَهُ، والمثبت موافق لرواية ابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>