للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْبَرَنا أبو نَصْر القَاضِي في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم (١)، قال: أخْبَرَنا أبو سَعد هِبَةُ اللَّه بن القَاسِم بن عَطَاء المِهْرَانِيّ، إجَازَةً فيما أُرى، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْمِ المَعْقِلِيّ (a)، قال: حَدَّثَني الفَقِيهُ أبو نَصْر أحْمَدُ بن جَعْفَر الإسْفَرَاينِيّ بها، قال: حَدَّثَنَا الفَقِيه أبو الحَسَن الصَّفَّارُ، قال: كُنَّا عند الشَّيْخ الإمَام الزَّاهِد الحَسَن بن سُفْيان النَّسَوِيّ (b)، وقد اجْتَمع لديه طَائِفَةٌ من أهْلِ الفَضْل، ارْتَحلوا إليه من أطْبَاق الأرْض والبِلَادِ البَعِيْدة، مُخْتَلفين إلى مَجْلسِهِ لاقْتِباسِ العِلْم، وكَتْبِهِ الحَدِيْثَ، فخرَجَ يَوْمًا إلى مَجْلسِهِ الّذي كان يُمْلِي فيه الحَدِيْثَ، فقال: اسْمَعُوا ما أقُول لكُم قبل أنْ نَشْرع في الإمْلَاءِ، قد عَلِمنا أنَّكُم طَائِفَةٌ من أبْناءِ النِّعِم وأهْل الفَضْل، هَجَرْتُم أوْطَانكُم، وفارَقْتُم دِيَاراكُم وأصْحَابكم في طَلَب العِلْم واسْتِفَادَةِ الحَدِيْثِ، فلا يَخْطُرنَّ ببالكم أنَّكُم قَضَيْتُم بهذا التَّجَشُّمِ للعِلْم حَقًّا، أو أدَّيْتُم بما تحمَّلْتُم من الكُلَفِ والمَشَاقِّ من فُرُوضه فَرْضًا، فإنِّي أُحَدِّثكُم ببَعْض ما تحمَّلْتُهُ في طَلَب العِلْم من المَشَقَّةِ والجَهْدِ، وما كَشَفَ اللَّهُ سُبْحَانه وتَعالَى عنِّي وعن أصْحَابي ببَرَكَةِ العِلْم وصَفْوة العَقِيْدَة من الضِّيْق والضَّنْك:

اعْلَمُوا أنِّي كُنْتُ في عُنْفُوَان شَبَابي ارْتَحَلْتُ من وَطَني لطَلَب العِلْم واسْتِمْلاءِ الحَدِيْث، فاتَّفَقَ حُصُولي بأقْصَى المَغْرب، وحُلُولي بمِصْر في تِسْعَة نَفَرٍ من أصْحَابي طَلبةٍ للعِلْم وسَامِعِي الحَدِيْث، وكُنَّا نَخْتَلفُ إلى شَيْخٍ كان أرْفع أهْلِ عَصْره في العِلْم مَنْزلةً، وأدْرَاهم للحَدِيث، وأعْلَاهُم إسْنَادًا، وأصَحّهُم رِوَايَةً، فكان يُمْلي علينا كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارًا يَسِيْرًا من الحَدِيْثِ، حتَّى طالَت المُدَّةُ، وخَفَّت النَّفَقَةُ، ودفَعَت


(a) في تاريخ ابن عساكر وسير أعلام النبلاء ١٤: ١٦١: المُغفليّ، وهو تصحيف صوابه المثبت، واسمه بشرويه بن محمد بن إبراهيم المعقلي النيسابوريّ. انظر: ابن ماكولا: الإكمال ١: ٣٠٥ - ٣٠٦، ابن ناصر الدين: توضيح المشتبه ١: ٥٣٣، الزبيدي: تاج العروس، مادة: بشر.
(b) ابن عساكر: النسفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>