للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال إسْحَاق بن الحَسَن بن أبي الحَسَن الزَّيَّات الفَيْلَسُوف، في كتاب نُزْهَة النُّفُوس وأُنس الجَلِيْس. مَدِينَة طَرَسُوس، وهي من الإقْليم الرَّابِع، وبُعْدُها من خَطِّ المَغْرب ثمانون دَرجَة، وبُعْدُها من خَطِّ الاسْتواء ستٌّ وثلاثون دَرَجَة، بَناهَا الرَّشِيدُ سَنَةَ سَبْعِين ومائة، وبها نَهْرٌ جَارٍ يأتي من بلاد الرُّوم يَشُقّ وَسَطَها، وأهْلُها أخْلَاطٌ من النَّاس.

وقَرَأتُ في كتاب المَسَالِك والمَمَالِكِ، الّذي وضَعَهُ الحَسَنُ بن أحمد المُهَلَّبيّ للعَزِيز المُسْتَولِي على مِصْر: فأمَّا مَدِينَة طَرَسُوس، فهي من الإقْليم الخَامِس، وعَرْضُها ستّ وثلاثون دَرجَة.

وارْتفاع الثُّغُور، جميع جَباياتها، ووُجُوه الأمْوَال بها، مائة ألف دِيْنار على أوْسط الارتفاع، تُنْفَق في المَرَاقِب والحَرَس والقَوَّائين والرَّكَّاضة والمُوَكَّلين بالدُّرُوب والمَخَاضِ (a)، وغير ذلك ممَّا جانَسَهُ، وكانت تحتاج - بعد ذلك، لشِحْنَتها من الجُنْد، وما يقُوم للمَمَاليكِ، وراتب تَعارِيفها للصَّوائفِ والشَّوَاتِي، في البَرِّ والبَحْر، وعِمَارَة الصِّنَاعَة، على الاقْتِصادِ - إلى مائةٍ وخَمْسين ألف دِيْنارٍ، وعلى التَّوْسِعَة إلى ثلاثمائة ألف دِيْنارٍ.

فأمَّا ما يَلْقاها من بلادِ العَدُوِّ ويتَّصِل بها؛ فإنَّها من جهّة البَرِّ وما يُسَامتُ الثُّغُور الجَزَرِيَّة، تواجهُ بِلَادَ الفَنَادِق من بلَد الرُّوم، وبعض النَّاطليق (b)، ومن جهّة البَحْر بلاد سَلُوْقِيَة.


(a) عند قدامة: الخراج ١٨٦: المخايض. والمخاضُ: جمع مخاضة؛ ما اجتازه الناس من المواضع مشاة أو ركبانًا. لسان العرب، مادة: خوض.
(b) قدامة: الخراج: الناطلوس، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت، وعرَّفه المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف ١٧٧ بأنه أول بنود الروم وأعظمها وفيه مدينة عمورية ومبتدأ هذا البند مما يلي الثغور الشامية حصن هرقلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>