للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأيْشٍ يقُول (a) الأمِير في رُسُل السَّماءِ؟ قد واللَّه كَتَبْتُ (b) مع الطَّائِر أكْثَر من هذا، وأسْتَوْدِعُ اللَّه الأَمِير، ما يَرَاني بَعْدها! فأخَذَ بذَيْلِهِ وما زالَ يرْفُقُ به ويَتَرضَّاهُ ويقُول له: أنْتَ أوْلَى من احْتمل.

وكان شَرِيْفًا، قَوِيّ النَّفْس، جَرِيْئًا في خِطَابهِ، وأكْثَر نِعْمَته اكْتَسَبها في هذه الوَسَاطَة بين هذين الرّجُلين.

وذَكَرَ ابنُ زُوْلَاق في هذا الكتاب (١)، في حَديث اجْتِمَاعَ الإخْشيْذ والمُتَّقِيّ على الرَّقَّةِ، قال (٢): وطَلَب منه المُتَّقِيّ الحَسَن بن طَاهِر الحُسَيْنيّ فأدْخَله إليه، وكَنَّى المُتَّقِي الحَسَن (c) بن طَاهِر في مَجْلِسهِ، وعَطَسَ المُتَّقِيّ فشَمَّتهُ الحَسَنُ بن طَاهِر، فقال المُتَّقِيّ: يَرْحَمكُ اللَّه أبا مُحَمَّد.

قُلتُ: وهذا من المُتَّقِيّ زِيَادَةٌ عَظِيمَةٌ في الحُرْمَة، فإنَّ الخلَيفَة كان لا يُكْنِي أحَدًا، حتَّى أنَّهُ بَلَغَني أنَّهُ قال في هذه النَّوْبَة للإخْشِيْذ: كيفَ أنْتَ يا أبا بَكْر، فاسْتَعْظَم الإخْشِيْذ ذلك، وكَتَب إلى نَائبهِ بمِصْر، وقال له: أكْرَمَني أمِير المُؤْمنِيْن وكَنَاني وقال لي: كيف أنْتَ يا أبا بَكْر؟.

وذَكَرَ ابنُ زُوْلَاق (٣) في مَسِيْر الإخْشِيْذ إلى قِنَّسْرِيْن، والْتِقَائهِ مع سَيْف الدَّوْلَة، واسْتِظْهار سَيْف الدَّوْلَةِ على الإخْشِيْذ، وأنَّ الإخْشِيْذ عاد واسْتَظْهر على سَيْف الدّوْلَة، وأنَّ الأَمِير سَيْف الدَّوْلَةِ عَسْكَر مُوَاجهًا للإخْشِيْذ، فاخْتَار الإخْشذ المُسَالَمة ورَاسَلَهُ بالحَسَن بن طَاهِر على مَالٍ يَحْملُه إليه، وأنْ يكُونَ لسَيْفِ


(a) المغرب لابن سعيد: يعمل.
(b) المغرب لابن سعيد: كتب.
(c) في الأصل: للحسن، وفوقها "ص".

<<  <  ج: ص:  >  >>