قَرأتُ بخَطِّ عَبْد المُنْعِم بن الحَسَن بن اللُّعَيْبَة في دُسْتُور جَمَعَهُ: قال الفَقِيه الأَبْيِوَرْدِيّ يَهْجُو خُوَاجَا بَزُرْك وَزِير السُّلْطان مَلِك شَاه رَحِمَهُ اللَّهُ، وهو الوَزِير أبو عليّ الحَسَن بن إسْحَاق:[من الكامل]
لا غَرْو أنْ وَزَرَ ابن إسْـ … ـحَاق وسَاعَدَهُ القَدَرْ
وصَفَتْ له الدُّنْيا وخُـ … ـصَّ أبو الغَنائِم بالكَدَر
ولمَّا نَمَتْ هذه الأبْيَاتُ إلى الوَزِير رَحِمَهُ اللَّهُ، اسْتَدْعَى الأَبِيْوَرْدِيّ، وكانت أيَاديهِ عندَهُ جَمَّة، وله عليه رُسُومٌ في كُلِّ سَنَة لها قَيِّمةٌ كبيرةٌ، فلمَّا مَثَلَ بينَ يَدَيْهِ قال له: يا هذا، بِمَ اسْتَوْجَبْتُ منكَ أنْ تَهْجُوني تَعَصُّبًا لعَدُوِّي عليَّ؟ -وهذا أبو الغَنائِم الّذي ذَكَرهُ هو تَاجُ المُلْك عَدُوّ الوَزِير- فأنْكَر أنَّ هذا شِعْره، فقال له الوَزِير: إنْ لَزمْتَ الإنْكَار أحْضَرتُ مَنْ أنْشَدنيها، فَوَاقَفَكَ عليها، ومع هذا فأنْتَ تَعْلَم ما لي عندَكَ من الأيَادِي الّتي لا تُذْكر، وما كُنْتَ تَسْألُني فيه من الحَوَائِج الّتي تُؤخَذ عليها الأمْوَالُ مع الرُّسُومِ، فَلَاذَ الفَقِيهُ بالعُذْر، واعْتَرَفَ أَنَّها من جُمْلَةِ غلطَاته الّتي
(١) أبو يعلى محمد بن محمد -وقيل: ابن صالح- الشريف العباسي، ترجمته في المحمدين، في جزء ضائع من أجزاء الكتاب.