للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّظَام الوَزِير ثلاثة أيَّام بلَيَاليها ما أكلَ فيها ولا شَرِبَ، وكان الفَرَّاشُ قد نَسِي أنْ يُقَدِّم له شيئًا إلى أنْ تَنبَه النِّظَام لذلك، فقام بنَفْسِهِ وحَمَل إليهِ الطَّعَام بنَفْسه.

قال الإمَام مُحَمَّد بن يَحْيَى: فحكَيْتُ هذه الحِيَة لوَالدِيّ، فسَكَتَ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقذٍ في تَارِيْخهِ، قال: حَدَّثَني أبي عنه -يعني عن نِظَام المُلْك- قال: كان رَجُلًا يَصُوم الدَّهْر، وله في أصْبَهَان أرْبَع نِسْوَة، يُعْمَل له في كُلِّ دَار طَعَام ولأصْحَابهِ ومنْ يكُون عندَهُ بقِيْمةٍ وَافيةٍ، فأيّ دَار أراد أنْ يَجْلسَ بها كان الطَّعَام الكَثِيْر مُعَدًّا كما قال: عَشرةً رُؤوس غَنَم مَشْوِيَّة، وعَشرة ألْوَان، وعَشر جَامَات حَلْوَاء.

سَمِعْتُ القَاضِي أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَفِر الحَنَفِيّ قاضي العَسْكَر رَحِمَهُ اللَّهُ، وقد جَرَى ذِكْر نِظَام المُلْك ومَيْله إلى أهْل العِلْم، يَقُول: كان نِظَام المُلْك يتعَصَّب للشَّافِعِيَّة كَثِيْرًا، فكان يُولِّي الحنَفِيَّة القَضَاء، ويُولِّي الشَّافعيَّة المَدَارِس، وبقصد بذلك أنْ يتوفَّر الشَّافِعيَّة على الاشْتِغَال بالفقْه، فيَكْثُرَ الفُقَهَاءُ منهم، ويَشْتَغل القُضَاة بالقَضَاءَ، فيقلّ اشْتِغَالهم بالفِقْه ويَتَعَطَّلُون.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكَاتِب، وأنْبَأنَا عنهُ أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن القَاضِي وغيرُه، قال: كان عُثْمان ابن جَمَال المُلْك ابن نِظَامِ المُلْك رَئيس مَرْو، وهناك شِحْنَة مَرْو مَمْلُوك السُّلْطان بردي فقَبَض عليه لأمْرٍ جَرى منه، ثمّ أطْلَقَهُ، فجاءَ مُسْتَغِيْثًا، فنفَذَ السُّلْطان تَاجَ المُلْك، ومَجْد المُلْك وجَمَاعَة أرْبَاب دَوْلتَه وقال لهم: أمضوا إلى خُوَاجَه حَسَن وقُولُوا: إنْ كُنْتَ شَرِيْكي في المُلْك فلذلك حُكْم، وإنْ كُنْتَ تَابِعي فيَجب أنْ تلزَم حدَّك، وهؤلاءِ أرَاذل قد اسْتَولَى كُلّ واحدٍ منهم على مَمْلَكَةٍ، فواحدٌ ببَلْخ، وواحدٌ بهَرَاة، وواحدٌ ببَلَد كَذا، ثمّ لا يُقْنعُهم ذلك حتَّى يَتجَاوَزُوا حُدُودهم في سَفْك الدِّماء. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>