للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي غَالِب عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن، وأنْبَأنَا به عنه رَفِيقُنا الحافِظ أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار، قال: وفي لَيْلَة السَّبْت عَاشر شَهْر رَمَضَان -يعني من سَنَة خَمْسٍ وثمانين- قُتِلَ نِظَام المُلْك، قَوَام الدِّين، أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن إسْحَاق رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قَريبًا من نَهَاوَنْد، وهو سَائِرٌ مع العَسْكَر في مِحَفَّة، فضَرَبَهُ صَبِيٌّ دَيْلمَيٌّ في صُوْرة مُسْتَمِيْح أو مُسْتَغِيْث بسِكِّين كانت معه، فقَضَى عليه، وأُدْرِكَ فقُتِلَ، وجَلَس لعَزَائهِ عَمِيْدُ الدَّوْلَة ابنُ جَهِيْر ببَغْدَاد.

وفَضَائِله المَشهُورة في كُلِّ مكان وزَمَان تَنُوب عن لسَان مَادحه، وأفْعَاله الصَّالِحة من المَدَارِس، والرُّبط، والقَنَاطِر، والجُسُور، والصَّدَقَات الدَّارَّة باقيةٌ على الأيَّام.

وتحدَّثَ النَّاسُ بأنَّ قتلَ نِظَام المُلْك كان برِضًى من السُّلْطانِ وتَدْبِير تَاج المُلْك أبي الغَنائِم، وإشَارة تُرْكَان خَاتُون؛ لأنَّهم كانُوا عَزَمُوا على تَشْعِيْث خَاطِر المُقْتَدِيّ، وكان نِظَام المُلْكِ يمنَعُهُم من ذلك.

قال ابنُ الحُصَيْن: وبَلَغَني أنَّ أبا نَصْر الكُنْدُرِيّ لمَّا عُزِلَ عن وِزَارَة السُّلْطان، وفُوِّضت الوِزَارَة إلى نِظَام المُلْك، وحُبِسَ وسَعَى نِظَامُ المُلْك في قَتْلهِ، فلمَّا هَمَّ الجَلَّادُ بفَتْلهِ، قال له: قُلْ للوَزِيْر نِظَام المُلْك: بئسَ ما فَعَلْتَ، عَلَّمْتَ الأتْرَاك قَتْل الوُزَرَاء وأصْحَاب الدَّوَاوِيْن، ومَنْ حَفَرَ مَغْواةً وَقَعَ فيها، ومَنْ سَنَّ سُنَّةً فَلَهُ وِزْرها ووِزْرُ مَنْ عَمِل بها إلى يَوْم القِيامة، ورِضًى بقَضَاءِ اللَّه المَحْتُوم، فكان الأمْرُ كما قال.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشد بن عليّ بن مُنْقِذ في تَارِيْخهِ، قال: سَنَة خَمْسٍ وثمانين وأرْبَعمائة، فيها قَفَزَ بَاطِنِيَّةٌ على خُوَاجَا بَزُرْك ببَغْدَاد وهو مَحْمُولٌ في مِحَفَّتِهِ الّتي كان يُحْمَلُ فيها من ضَعْفِه وكِبَرِه في تَاسِع شَهْر رَمَضان، فجَرَحَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>