للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أوَّلُ مَنْ أقْطَع البلادَ والضِّيَاع للعَسَاكِر والأجْنَادِ، وكان يَرْعَى لأهْل البُيُوتَاتِ بُيُوتَهُم، وللعُلَماء عِلْمهم، وللشُّعَراءِ شِعْرَهُم، وللأُدَباءِ أدَبَهُم، وللأَشْرَاف شَرَفهم.

وكان أمْرُ الدَّوْلة في الزِّيادَةِ إلى أنْ شَارَكَهُ في الرَّأي غَيْرُه، ودَاخَلَ السُّلْطان سِوَاه، فهَلَكت الدَّولَةُ، ولم يَبْقَ السُّلطَانُ بعدَهُ إلَّا نَيّف وثَلاثُون يَوْمًا، رَضِي اللَّهُ عنه.

ذكَرَ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ، في كتاب عُنْوَان السِّيَر في مَحَاسِن أهْلِ البَدْو والحَضَر (١)، وقال: نِظَام المُلْكُ، أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن إسْحَاق الطُّوْسيّ، وزَرَ للسُّلْطَان ألْب أرَسْلَان، ولوَلده السُّلطان مَلِك شَاه تِسْعًا وعِشْرين سَنَة، وقُتِلَ بالقُرْب من نَهَاوَنْد في اللَّيلة الحَادِيَة عَشرة من شَهْر رَمَضان سَنَة خَمْسٍ وثَمانين وأرْبَعمائة، وعُمرُهُ ستٌّ وسَبعُونَ سَنَةً وعَشرةُ أشْهُر، وتِسْعةَ عَشَرَ يَوْمًا، اغْتَالَهُ أحَدُ البَاطِنيَّة وقد فَرَغَ من فُطوره، وقيل إنَّ السُّلْطان مَلِك شَاه وَلَّفَ عليه مَنْ قَتَلَهُ لأنَّهُ سَئِمَ طُولَ عُمره، وماتَ بعدَهُ بشَهْر وخَمْسة أيَّامٍ.

وتقدَّم نِظَام المُلْك في الدُّنيا التَّقَدُّمَ العَظِيم، وأفْضَل على الخَلْق الإفْضَالَ الكَثِيرَ، وعَمَّ النَّاسَ بمَعْرُوفه، وبَنَى المَدَارِسَ لأصْحَاب الشّافِعيّ، ووَقَفَ عليهم الوُقُوفَ، وزَادَ في الحِلْمِ والدِّين على مَنْ تقَدَّمَهُ من الوُزَرَاءِ، ولم يَبْلُغْ أحدٌ منهم مَنْزِلَتَهُ في جميع أُمُوره، وعَبَر جَيْحُون فوَقَّع على العَامِل بأنْطَاكِيَة ما يُصْرفُ إلى (a) الملَّاحِيْنَ، ومَلَكَ من الغِلْمانِ الأتْرَاكِ ألُوفًا عدَةً، وكان جُمْهُور العَسَاكِر وشُجْعانهُم وفُتَّاكهُم من مَمَالِيْكِهِ.

وتحدَّث أبو مُحَمَّد رِزْقُ اللَّه بن عَبْد الوَهَّاب التَّمِيْميّ، قال: سَألتُه عن السَّبَب في تَعْظِيمه الصُّوْفيَّة، فقال: أتَاني صُوْفيٌّ وأنا أخْدِمُ ابن يَاخُر الأَميْر التُّرْكيّ،


(a) قطع تاريخية: فوقع إلى العامل. . . يصرف على، وفي موضع آخر من كتاب الهمذاني ما يوافق المثبت، انظر: قطع تاريخية ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>