للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشَارة أَفْوَاهٍ وغمْز حَوَاجِب … وتَكْسِير أجْفَانٍ وكفّ تُسَلمُ (a)

فحسَدتُها - يا أَمير المُؤْمنِيْن - على حِذْقها وإصابتها مَعْنَى الشِّعْر، أنَّها لَم تَخْرُج من الفَنّ الّذي ابتدأَتْ فيهِ، فقُلتُ: بقى عليك يا جَارِيَةُ [شيء] (b)، فضَرَبَت بعُودها الأرْضَ، وقالت: مَتَى كُنْتُم تُحْضرونَ مَجلِسكُم (c) البُغَضَاء؟ فنَدمْتُ على ما كان منِّي، ورَأيتُ القَوْم كأنَّهُم قد تَغيَّرُوا لي (d)، فقُلتُ: ليسَ ثَمَّ عُوْدٌ؟ قالوا: بلَى واللهِ يا سَيِّدنا، فأُتِيْتُ بعُوْد، وأصْلَحْتُ من شَأني ما أرَدْتُ، ثمّ انْدَفَعْتُ أُغَنِّي: [من الكامل]

ما للمَنَازِل لا تُجِيْبُ حَزِيْنًا … أَصَمَمْنَ أم قَدُم (e) المَدَى فبَلِينا

رُوحوا (f) روحَةً مَذْكُالعَشِيَّة ورَةً … إنْ مُتْنَ مُتْنَ وإنْ حيينَ حَيِيْنا

فما اسْتَتممْتُ (g) - يا أميْر المُؤْمنِيْن - حتَّى خرجَتِ الجارِيَة فأكَبَّتْ على رِجْلَيَّ فقبَّلتهما وتقُول: مَعْذِرَة يا سَيِّدِي، والله ما سَمِعْتُ مَنْ يُغَنِّي هذا الصَّوْتَ مثلك أحدًا! وقامَ موْلاها وجميع مَنْ كان حَاضِرًا فصَنَعُوا كصُنْعها (h)، وطَرِبَ القَوْمُ، واسْتَحَثُّوا الشَّرَابَ فشَرِبُوا بالكَاسَات (i) والطَّاسَات، ثُمَّ انْدفَعْتُ أُغَنّي: [من الطويل]

أَفِي الله أنْ تُمسِينَ لا تذكُرينَني … وقد سَجَمَت (j) عَيْناي من ذكرك الدَّمَا

إلى الله أشْكُو بُخْلها وسَمَاحَتى … إذا عَسَلٌ منِّي وتبذُل عَلْقَمَا

فَرُدِّى مُصَاب القَلْب أنتِ قَتلتهِ … ولا تتْركيه ذَاهِب القَلْب مُضْرَما (k)

إلى الله أشْكُو أنَّها أجنَبيَّة … وأنِّي بها ما عشْت بالوُدّ مغرما


(a) المسعودي: وقلب يسلم.
(b) إضافة من المسعودي. ولم ترد في أصول كتاب المسعودي فألحقها المحقق.
(c) المسعودي وابن عساكر: مجالسكم.
(d) المسعودي: تغيروا إليَّ، ابن عساكر: تغيروا بي.
(e) المسعودي: بَعُد.
(f) المسعودي: راحوا.
(g) المسعودي وابن عساكر: استتممته.
(h) ابن عساكر: كصنيعها.
(i) الأصل: بالكاساب.
(j) في الأصل: سحمت، ابن عساكر: سمحت. والمثبت من مروج الذهب، وسجمت العين: سال دمعها. لسان العرب، مادة: سجم.
(k) المسعودي: ذاهل العقل مغرما.

<<  <  ج: ص:  >  >>