للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَنْهَبَ العَرَبَ الرَّمْلَةَ، وخَرَّب بغدَاد، وكَم دَمٍ سَفَك، وحَرِيْمٍ انْتَهَك، وحُرَّةٍ أرْمَلَ، وصَبِيّ أَيْتَمٍ!.

هذا ذَكَرَهُ عليّ بن مَنْصُور في رِسَالَته إلى أبي العَلَاء، وقد بَلَغَهُ أنَّهُ ذُكِرَ لأبي العَلَاء فقال: أعْرِفه خَبَرًا، هو الّذي هَجَا أبا القَاسِم الحُسَين بن عليّ المَغْرِبيّ، فكَتَبَ إليهِ بذلك إقامةً لعُذْره في هَجْوه.

وقد كان بين أبي القَاسِم بن المَغْرِبيّ وبين عليّ بن المَنْصُور ما يُوْجِبُ أنْ لا يقبَلَ قَوْلُه فيه، وقد ظَفِرْتُ في بَعْضِ ما نَقَلْتُهُ من خَطِّ بعض الأُدَبَاءِ ما ذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ أبي القَاسِم الوَزِير: أنْشَدَني عليّ بن مَنْصُور، إنْ صَدَق! فيَدُلُّ على ما ذَكَرْتُه من حالهما.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ (١)، وأنْبَانَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ وغيره عنه، قال: وَزَرَ ببَغْدَاد الوَزِيرُ أبو القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن المَغْرِبيّ في رَمَضَان سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة، بغَيْر خِلْعةٍ ولا لَقَب، ولا فَارَق الدَّرَّاعَة، وكان كَاتبًا مَلِيْحًا، شَاعِرًا، مُنَجِّمًا، فيلَسُوفًا، قيِّمًا بعُلُوم كَثِيْرة، وكان فيه حَسَدٌ، وجَرَتْ له ببَغْدَاد أُمُورٌ أوْجَبَت اسْتِيْحَاشَهُ من الخَلِيفَة، فتَنقَل إلى أنْ نَزَلَ على أبي نَصْر بن مَرْوَان على سَبِيْل الضِّيَافَة، فماتَ عندَهُ سَنَة ثماني عَشرة وأرْبَعِمائة.

قَرأتُ بخَطِّ عَبْد القَوِيّ بن عَبْد العَزِيْز بن الحُبَّاب في ذِكْر الوَزِير أبي القَاسِم، قال: وكان مُمَدَّحًا ومَقْصُودًا بالأدَب من جميع مَنْ يتعَلَّق به من العَجَم والعَرَب، مَدَحَهُ مِهيَارُ بن مَرْزَوَيْه في يَوْم نَوْرُوز، وقد أُحْضِرت إليهِ هَدَايا من الدَّيْلَم


(١) بعضه في مختصر تاريخ حلب للعظيمي المنشور باسم تاريخ حلب ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>