للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع بعض العُرْبَان، وحَصَل عند حَسَّان بن المُفَرِّج واسْتَجَار به، وأشار على حَسَّان بمُبَاينة الحاكِم ولقاء يَارخْتِكِيْن حين سَيَّرهُ الحاكِم إلى الشَّام، فالْتَقَاهُ وأَسَرَهُ وضَرَب عُنُقه (١).

ثمّ اجْتَمع أبو القَاسِم بالمُفَرِّج ووَلده، وأشَار عليهم بمُرَاسَلَة أبي الفُتُوح الحَسَن بن جَعْفَر العَلَويّ أمير مَكَّة ومُبَايعَته، وتَرَسَّل إليه عنهم بنَفْسه، وسَهُلَ عليه الأمْر، فطَمع، وبايَعَهُ بنُو حَسَن وتَلقَّب بالرَّاشِد، وصَعِدَ المِنْبَر وخَطَب لنَفْسِه (٢).

وسار ابن المَغْرِبيّ برسالته إلى العَرَب كُلّها من سُلَيْم وهِلَال وعَوْف بن عَامِر وغيرهم، ثُمّ سَارَ بهِ وبمَن اجْتَمع إليه إلى الشَّام، ودَخَلَ به الرَّمْلَة فتَلقَّاهُ بنو الجَرَّاح وقَبَّلُوا الأرْضَ بينَ يَدَيْهِ، وسَلَّمُوا عليه بإمْرة المُؤْمنِيْن، وأمَرَ بالمعرُوف، ونَهَى عن المُنْكَر، وخَطَب بها على المِنْبَر، فعَظُم ذلك على الحاكِم، فكَتَبَ إلى حَسَّان وإلى أبيه المُفَرِّج (٣)، وبَذَل لهما بذُولًا كَثِيْرة حتَّى فلَّهُما عن ذلك الجَمْع، وجَعَلهُما في حَيِّزه، وضَعُف أمْر أبي الفُتُوح، وبانَ له تغيُّر آل الجرَّاح، فخافَ أنْ تَخْرُج مَكَّة من يَدِه، فاسْتَجارِ بالمُفَرِّج، وطَلَبَ منه أنْ يُبْلغه مأمنَهُ، ويُسَيِّرهُ إلى وَطَنه، محفظ المُفَرِّج ذِمَامَهُ، وسَيَّرهُ مع مَنْ أجازَهُ وَادِي القُرَى، وتَلقَّاهُ بنُو حَسن ومَضَوا به إلى مَكَّة، وكَتَب إلى الحاكِم، واعْتَذَر له فقَبِلَ عُذْرهُ.

قَرأتُ بخَطِّ عَبْد القَوِيّ ابن القَاضِي الجلِيْس عَبْد العَزِيْز بن الحُبَاب في جُزءٍ جَمع فيه شَيئًا من أحْوَال أبي القَاسِم بن المغرِبيّ، قال فيه - وأجازَ لنا عَبْدُ


(١) تقدم لابن العديم في ترجمة حسان بن المفرج الإشارة - بأوعب من هذا - إلى خبر مقتل يارختكين على يد حسان بن الجراح بإشارة الوزير ابن المغربي. انظر الجزء الخامس فيما تقدم.
(٢) الخبر في مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ١٨: ٥٨.
(٣) انظر نماذج من هذه المراسلات مما كتبه أبو سعد العميدي (ت ٤٣٣ هـ)، منها: كتاب وعيد إلى حسان لما نهب الرملة، ورسالة إلى صالح بن مرداس، ورسائل أخرى في ذات الغرض. انظر رسائل العميدي ٢٤٨، ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>